كيف أقوي رابطة الحب بين أطفالي؟
خلافات الأبناء وشجارهم الدائم ومشاعر الغيرة المتبادلة بينهم، أوتحول البيت إلى ساحة قتال على كل صغيرة وكبيرة من الأمور الطبيعية التي تحدث في كل بيت، ولكن كثيراً من الآباء أو الأمهات لا يجيدون التعامل مع أطفالهم بطريقة تربوية صحيحة بهدف تقوية رابطة الحب بينهم، وجعل الود والصداقة تسود؛ حتى لا تكبر معهم هذه المشاعر السلبية، وتؤثر على علاقتهم مستقبلاً...فالحب هو الثروة الحقيقية التي يتركها الآباءلأبنائهم.عن سبل تقوية رابطة الحب بين الأخوة تحدثنا الدكتورة فاطمة الشناوي خبيرة العلاقات الزوجية... والمحاضرة بالتنمية البشرية
لماذا يختلف الأبناء؟
التمييز والتحيز من قبل الوالدين لطفل دون الآخر؛لأنه الأفضل نشاطاً وعملاً وخدمة لهما أو نتيجة لتميزه دراسياً.. في مقدمة الأسباب التي تولد الكراهية في قلب الطفل تجاه أخيه، وتجعله متأهباً ومستعداً للعداء والخلاف معه في أي وقت.
هناك أيضاً الأخ المتسلط على إخوته وأخواته بالبيت - قد يكون الأخ الأكبر - فيكثر من الأوامر والتعليمات بسب شخصيته القوية القيادية، فتنشب الخلافات التي تساهم في اتساع الهوة بينهم...خاصة مع الشخصيات الأقل قوة وسيطرة.
كثير من الآباء ينشغلون عن خلافات أبنائهم مفضلين عدم التدخل وترك المشاكل يحلونها وحدهم؛ رغم أن التربية الصحيحة تؤكد وجوب التدخل لمعرفة سبب الخلاف وتوضيح الصواب من الخطأ؛ ولتوعية الأبناء وحثهم على الترابط من جديد.
كما أن اختلاف الطباع بين الأبناء يتسبب في بعض المشكلات؛ فقد لا يتشاركون الاهتمام ذاته، أو طريقة التعامل مع الأمور اليومية والحياتية، أو لاختلاف المرحلة العمرية وما يرتبط بها من اهتمامات.
دور الآباء في تقوية رابطة الحب بين أطفالهم
هيا اشركي أولادك في كثير من المهام المشتركة، ويمكن إعطاء الأخ الكبير مسؤولية الاهتمام بالأخ الأصغر، على أن تطلبي من الصغير احترامه، واحذري التفريق أو التمييز في المعاملة بين الأبناء، حتى ولو في قبلة، ولا تقارني بين مزايا الأبناء؛ حتى لا تخلقي الحقد والكراهية بينهم.
فضي الخلاف بين أطفالك واطلبي من المخطئالاعتذار وعدم تكرار ذلك، واسعي لتقوية رابطة التعاون والمشاركة بينهم من خلال اللعب، العبي معهم وشاركيهم في الألعاب التي تعزز التواصل بينهم، وقومي بتقدير كل ما يقومون به من مشاركات إيجابية مادياً ومعنوياً؛ فالأطفال يكتسبون الحب والتقدير من آبائهم.
خصصي وقتاً لكل طفل من أطفالك، فلكل منهم مواصفاته ومميزاته الخاصة، «هلا سويت بينهم»، «اعدلوا بين أولادكم»، مع مراعاة مشكلة طفل الوسط، فهو مُهاجم من الأمامبالأخالأكبرالذي يأخذ ملابسه ولعبه، ومهاجم من الخلف من الأخالأصغر المستحوذ على الاهتمام... واسقي شجرة الحب بين أبنائك.
وضحي أهمية الأخ لأخيه وأنه الساعد الأيمن له، واجعلي من الحوار والتفاهم وسيلة لحل المشكلات.. فالأجواء الملتهبة تزرع وحوشاً ضارية وتجعل الكبير يستضعف الأصغر، ولكن لا تتدخلي في كل منازعات أبنائكما دامت لم تشكل خطراً، فهم يتعلمون منها ويفرغون طاقاتهم... ولا تنحازي لأحد ضد الآخر، أوتعاقبي المذنب حتى لا تنمي روح الغيظ والانتقام لديه.
طرق جديدة لتقوية رابطة الحب
أوقفي الشجار بين أطفالك بعمل إيجابي كمساعدة الغير، أو بطلب مساعدتك في عمل ما، واحتفظي بهدوئك بقدر الإمكان، وكوني قدوة حسنة بعيدة عن العصبية والثورة،وكوني مستمعة جيدة لكل طفل عند عرضه لأسباب الخلاف.
ليتك تستمعينبصدر رحب وتفهم؛ حتىتستطيعي تغيير مفاهيم أطفالك عن الغيرة والتفضيل،مما يقلل الطاقة السلبية بداخلهم، وكوني مثالاًفي التعامل مع من تختلفين معه... فطفلك يراقبك، أخبريهم أن الخلافات بين الناس أمر معترف به والشخصية تقوى بمواجهته، ولا تنسي أن تعلني فخرك بهم أمام كل تصرف إيجابي ينم عن رابطة الحب بينهم.
اعدلي بينهم في المشاعر سواء في توزيع القبلات والأحضان أو في الرعاية والاهتمام والحنان، حتى لا تزرعي بذور الكراهية والغيرة في نفوسهم بيديك دون أن تشعري؛لأن عدم المساواة أخطر سبب يؤدي إلى الغيرة وعدم الحب بين الأخوة.
لا تقارني بينهم، سواء في الشكل أو المهارات أو المستوى الدراسي أو الذكاء أو الجمال؛لأن هذه المقارنات والعبارات تزيد من مشاعر الكره والحقد بين الإخوة وبعضهم، فلكل طفل شخصيته ومهاراته وإمكانياته التي تميزه عن غيره، وبدلاً من المقارنة، احرصي على الارتقاء بمستوى الطفل الضعيف دراسياً، وامنحيه القدر نفسه من الرعاية والحنان والتشجيع.
ازرعي الحب فى قلوب أطفالك
لا تفرقي في المعاملة حسب حالتك المزاجية؛ فيختلف رد فعلك أو تصرفك بشأن خطأ ما ارتكبه أحد أطفالك عن تصرفك بشأن الخطأ نفسهإذا ارتكبه طفلك الآخر، احرصي علىالمساواة وعدم التذبذب في معاملتهم والتفرقة بين أكبرهم وأصغرهم في التدليل والقسوة، وابتعدي عن نصرة الصغير دائماً أوتحميل الكبير المسؤولية دائماً لأنه الأكبر.
اجعلي كلاً منهم يقدم الهدايا للآخر؛ لتزرعى الحب تجاه بعضهم البعض منذ الصغر، ونمّي لديهم الشعور بالمسؤولية وروح المشاركة والصداقة بينهم، ولا تتباهي بصفات أحدهم أمام غيره فيكرهه ويفقد ثقته في نفسه، ويشعر بأنه غير محبوب وأخاه هو المُفضل دائماً.
وفي الوقت نفسه احرصي على عدم توبيخ أو تأديب أحد أطفالك أمام الآخرين؛ لأن هذا سيصيبه بالإحراج ويشعره بالإهانة، يمكنك توجيه كل منهم ومعاتبته بشكل منفصل عن إخوته، ولا تناقشي أيضاً أياً من نقاط الضعف أو الصفات التي تميز أحدهما عن الآخر أمامهما.
لاتتدخلي في الخلافات والمشادات الكلامية إلا إذا صاحبها أي من أشكال العنف، اجعليهم يعتادون أن عقوبة الشجار ستطبق عليهم معاً حتى يتعاونوا في الامتناع عنه، وعوديهم على ثقافة الاعتذار عند الخطأ وساعديهم على تطوير مهاراتهم لحل مشكلاتهم الشخصية بأنفسهم بالعدل، ووطدي ثقافة اللعب الجماعي بينهم وشاركيهم في الألعاب والأنشطة الجماعية، التي تجعلهم كياناً واحداً.