سن المراهقة عند الفتيات
تتوسّط مَرحلة المُراهقة المَراحل العمريّة التي يمرّ بها الفرد؛ حيثُ تقع بين مرحلة الطفولة ومرحلة الرشد، فتحدث فيها الكثير من التغيّرات الأساسيّة في كافّة الوَظائف للجوانب النمائيّة الجسميّة، والاجتماعيّة، والنفسيّة، والانفعاليّة للمُراهق التي تترافق مع مرحلة البلوغ، وتكون هذه التغيّرات سريعةً ومُفاجئةً له، فتُؤثِّر بشكلٍ كبير على اتّزان المراهق، واستقراره نفسيّاً وانفعاليّاً مما يجعله عرضةً للكثير من الاضطرابات والمواقف التي تؤثّر عليه
وعلى تركيبة شخصيّته مُستقبلاً. بالإضافة إلى ما سبق إنّ التغيّرات التي يتعرّض لها المراهق تُولّد له الكثير من الاحتياجات التي يرغب بتحقيقها، وبالتالي مُواجهة الكثير من الضوابط والحدود التي يفرضها المجتمع عليه والصراع المُترتّب عليها، وبالنّظر إلى هذا يتوجّب على الكبار في مُحيط المراهق إحاطته بالحب والاهتمام،
واستيعاب جميع مشكلاته وتفهمها فهو بحاجة إلى التوجيه والإرشاد الدائم من غير خدش كيانه واستقلاله. تمتدّ مرحلة المراهقة غالباً من انتهاء مَرحلة الطفولة المتأخّرة أي من سن الثالثة عشر وحتى الثامنة عشر وقد تمتدّ إلى سن الواحد والعشرين
.[١] الفرق بين البلوغ والمراهقة يظهر الفرق بين البلوغ والمراهقة في أنّ المُراهقةَ هي سلسلةٌ من التغيّرات التي تحدث بشكلٍ مُتدرّج في النواحي الجسمية والنفسية والعقلية والاجتماعيّة التي تقود في نهايتها إلى النضج،
أمّا البلوغ فهو اكتمالُ النموّ الفسيولوجي والبيولوجي أي نُضج الوَظائف الجنسيّة؛ حيث تَبدأ الأجهزة التناسليّة بإفرازِ الهرمونات الجنسيّة فيُصبح جسد المُراهق الذكر أو الأُنثى قادراً على التكاثر؛ أي إنّ البلوغ هو فقط سمة من سمات المراهقة، ولكنّه أوّل وأبرز علاماتها ظهوراً ودلالةً عليها
.[٢] مرحلة المراهقة عند الفتيات تتعرّض الإناث إلى الكثير من التغيّرات الجسدية مما يؤثر وبشكل بالغ على الحالة النفسية للفتاة المراهقة، وتحدث التغيرات على جميع المجالات والمظاهر النمائية للأنثى، وتَفوق التغيّرات الجسميّة للإناث تغيّرات جسم الذكور، ومن هذه التغيرات الآتي: التغيرات الجسمية النمو الجسمي هو من أهمّ العلامات التي تُميّز مرحلة المُراهقة عن غيرها من المراحل العمريّة للأنثى؛ حيثُ تمتاز بسرعتها النمائية وظهور علاماتها بشكلٍ متباين،
حيث تبدأ الغدة النخامية في الدماغ بتنشيط عمل الغدد الجنسيّة لتبدأ مَرحلة تكامل الأُنوثة عند الفتاة، فتبدأ الأعضاء التناسليّة بأداء عملها بإفراز الهرمونات، فتظهر حالة الحيض لأوّل مرّةٍ كأول علامة من علامات النمو التام للجهاز التناسلي، وبدء عمل المبايض في الرحم، بالإضافة إلى النموّ العضوي السريع من زيادة في الوزن، والطول، وبروز الثديين، مع ظهور الشعر في بعض أجزاء الجسم. يستمرّ نموّ الفتاة بشكلٍ سريع في البداية،
وتقلّ سرعته تدريجيّاً ما بين سن الثامنة عشر والواحد والعشرين، ونظراً للنشاط الهرموني قد تظهر بعض حبوب الشباب والبثورعلى وجه الفتاة، وتختلف هيئتها الجسدية ممّا يدفعها إلى شدة الاهتمام بجسمها وحساسيتها تجاه أيّ نقدٍ أو مُقارنة تتعرّض لها، وتظهر حاجاتها للتكيّف مع هذه التغيرات وبالتالي ضرورة الحصول على النوم والراحة والتغذية السليمة،والاستجابة السليمة للأهل لكلّ هذه التغيرات يؤثر بشكل إيجابي أو سلبي على اتجاهات الفتاة ومفهومها عن ذاتها وسلوكياتها الاجتماعية
.[٣][٤] التغيرات الانفعالية تتّصف الانفعالات في هذه المرحلة بأنها مندفعة وغير مُتّزنة، وقد يكون مبالغاً فيها ولا تَتناسب مع المُثير المُسبّب لها، فلا يَستطيع المراهق التحكّم بشدتها، ويظهر التناقض في الانفعالات تجاه نفس المثير أو نفس الفرد، فتظهر ازدواجيّةُ المشاعر بين مشاعر الحب والكره أو الخوف والتهوّر والشجاعة، أو التديّن والتطرّف، أو الحماس واللامبالاة، كما يتّجه المُراهق إلى تكوين شخصيّته المستقلّة انفعاليّاً بعيداً عن المؤثرات النفسيّة للوالدين والأهل
، بالإضافة إلى الانغلاق حول الذات والانطوائيّة والشعور بالخجل وتذبذب الانفعالات تجاه التغيرات الجسمية وكيفية التكيف معها، ويترافق مع كلّ هذا شعور المراهق بالذنب والخطيئة تجاه الأفكار الجديدة التي تطرأ على تفكيره، وقد يظهر عليه بعض التردّد وتدنّي الثقة بالنفس،
وتتّضح قدرته في استعماله خياله كوسيلةٍ للتنفيس النفسي في عيش ما يَرغب في تحقيقه ولو كان مُستحيلاً، وتعويضه لنقصه الذي يشعر به تجاه نفسه وحلّ مشكلاته والعقبات التي يواجهها. بالإضافة لكلّ ما سبق، تعيش الفتاة المُراهقة حياةً عاطفيّة يملؤها العطاء والتضحية ولفت الانتباه، والحساسيّة المُفرطة تجاه بعض المثيرات، كما أنّه يجب التعامل مع الفتاة بشكلٍ متوازن ومتعاطف، واحتواء الانفعالات الصادرة بشكلٍ مُتفهّم ومتوازن، لما في ذلك من الأثر البالغ في تركيب الصورة النهائيّة للشخصيّة في نهاية هذه المرحلة
.[٥] التغيرات الاجتماعية ترتبط التغيّرات الاجتماعية للمُراهق بالتنشئة الاجتماعية السويّة في مراحله العمرية السابقة، فينشأ مُراهقٌ متوافقٌ مع جماعته سواءً داخل الأسرة أو خارجها؛ حَيث يَكتسب السلوك الاجتماعي من خلال تَعامله وتفاعُلهِ مع مجتمعه كلّما اتسعت دائرة معارفه، فيتعرّض للكثير من المواقف الاجتماعيّة التي تتوجّب عليه الاستجابة لها بشكلٍ مُناسب، فيركز لديه النموّ الاجتماعي تدريجيّاً من خلال تجاربه الشخصية،
فيظهر وبشكلٍ جليّ اهتمام الفتاة بمظهرها الشخصي في ارتداء الملابس اللافتة للأنظار أحياناً أو تقليدها لمن حولها في المظهر أو التصرّفات أو تقليدها للشخصيّات المعروفة، كما أنّه قد يظهر اهتمامها بالجنس الآخر، بالإضافة لنمو القيم والمعاييرالاجتماعية؛ حيث تَميل إلى عملِ الخير ومُساعدة الآخرين ومشاركة أصدقائها انفعالاتهم وإبداء التعاطف معهم، كما تُحاول الفتاة في هذه المرحلة تكوين علاقتها الاجتماعيّة المستقلّة، والخُروج من دائرة مَعارف الأسرة، والتوسّع في مشاركة الأفكار والخبرات مع أصدقائها الواقع اختيارها عليهم حسب المُيول والاهتمامات المُشتركة
. [٦][٥] التغيرات العقليّة يَظهر نموّ القُدرات العقليّة وتطوّرها بشكلٍ ملاحظ في هذه الفترة، كما تبرز الفروق الفردية بين المُراهقين في القدرات الخاصّة حسب المهارة والذكاء الذي يتميّز به الفرد عن غيره، فيتوجّب على أولياء الأمور والمُدرّسين مُلاحظة هذه الفروق ليتمّ تهيئة الفرص المُناسبة لرفع كفاءة كلّ فرد حسب المجال الذي يتميّز به، أمّا الوظائف العقليّة فتكون قدرته على التذكّر في أوجها،
كما يَستطيع استعمال خياله المجرّد بالاعتماد على الألفاظ فقط، بالإضافة إلى نموّ وتطوّر مهارات التفكير العليا كالتحليل والتركيب، ويزيد إدراكه للمفهوم المجرّد للزمن والمستقبل والتخطيط له، وتزيد مَقدرته على الانتباه مُقارنةً مع مَراحله العمريّة السابقة فيكون انتباهه أفضل بطول مدّة الانتباه أو مدى صُعوبة الموضوع الذي يُثير انتباهه، كما يَستطيع المُراهق تَصنيف نفسه ومُقارنتها مع من حوله في مجتمعه فيكتشف تميّزه في مجالِ وتواضع قدراته في مجال آخر.[٧][