كيف تكون الراحة مصدراً لإنجاز أكبر؟
نشأنا وتربينا منذ الصغر على المثل الشعبي القائل: «من جدّ وجد، ومن زرع حصد»، وبلا شك فإنّ الجد والاجتهاد طريق للنجاح والحصول على نتائج إيجابية، إلى جانب زيادة فرصنا في الوصول لما نريد. إلا أنّ الدراسات الحديثة أثبتت أنّ العمل المضني ليس بالضرورة أنّ يؤدي إلى نتيجة كبرى،
بل قد يؤدي إلى الإجهاد والتعب البدني والنفسي، أيضاً دون الحصول على المردود المرجو، فأظهرت العديد من المفاهيم التي تدعو إلى العمل بذكاء وتقليل المجهود في بعض الأحيان وتقليل ساعات عمل الموظفين.
أحد مفاهيم الراحة من نطاق أكثر شموليةً والتي تطرّق لها كتاب «استرِح» للكاتب الأمريكي «أليكس سوجونج كيم بانج» الذي يهدف إلى المساعدة في تطوير الذات وتحقيق المعادلة المطلوبة للكثير منا، وهي الإنجاز الأكبر بأقل قدر من المجهود، فيما يلي سرد لأهم الأفكار والنقاط التي ذكرها:
ما هو مفهوم الراحة؟
الراحة لا تتناقض مع العمل، بل إنها مكملة له، حيث لا يمكن أنّ تُنتجي بشكل جيد دون الراحة بشكل جيد أيضاً، فمفهوم العمل المتواصل دون راحة، لمحاولة تعظيم النتائج، غالباً ما تكون محصلته عكسية،
وبلا شك هناك بعض الاستثناءات، مثل شركة ناشئة في سنتها الأولى، وحتى تلك الاستثناءات تكون مؤقتة.
الراحة ليست شيئاً يمنحك العالم إياه،
والراحة أيضاً ليست شيئاً يمكنك القيام به حين تنتهي من كل شيء آخر، فإذا أردت الراحة، عليك أن تأخذيها، وعليك أنّ تقاومي رغبة الانشغال، خصصي وقتاً للراحة وخذيه على محمل الجد واحمه من عالم ينوي سرقته.
الراحة مهارة! فالراحة تحتاج بذل جهد وفهم في البداية حتى يتم ممارستها بإتقان، وحتى يتم لك ذلك، لا بد أنّ يشمل ثلاثة جوانب، الجسدية والعقلية والنفسية، مع تركيز كبير على عمق وجودة الراحة،
أكثر من التركيز على مدتها.
الراحة علم أيضاً، حيث طوّر عالم النفس الإنجليزي «جراهام والاس»، نموذجاً من 4 مراحل لشرح حدوث الإبداع وهي كالآتي:
الإعداد، أي الصياغة والتخطيط.
التطوير، أي عندما تقترب الفكرة من وعيك.
التنوير، اللحظة التي تندفع فيها الفكرة إلى وعيك دون جهد، مثل الإلهام.
التأكيد، وضع الفكرة في إطار منطقي.
فالمرحلة الأولى والرابعة «الإعداد والتأكيد» من الممكن التدرب عليهما وإتقانهما، أما المرحلتان الثانية والثالثة «التطوير والتنوير»، فتحتاجان إلى تخصيص وقت للشرود الذهني، وذلك كي نعزز من حساسيتنا تجاه الأفكار وبالتالي التقاط لحظات التنوير.
الراحة لإنتاج مضاعف
معظم الشخصيات التاريخية الناجحة لم تقض وقتاً طويلاً في العمل، حيث كان لديهم فهم عميق بطريقة عملهم وبطريقة راحتهم أيضاً، وبارتباط الأمرين معاً، خمس ساعات من العمل المركز يومياً كانت كافية بالنسبة لمعظمهم، مع تخصيص فترات للراحة المدروسة مثل التنزه مع العائلة، القيلولة،
ممارسة رياضة أوهواية.
توقفي عن العمل في الوقت المناسب، حين يمكنك رؤية المرحلة التالية، أو حين لا تزالين تمتلكين طاقة متبقية، تجعل البدء في اليوم الثاني أسهل، وتساعد على وضع وتيرة أكثر ثباتاً، ما يجعلك أكثر إنتاجاً على المدى الطويل.
النوم هو الراحة المتقنة الأصلية، بلا شك أنّ هذه النقطة تبدو بديهية، إلا أنّ الكثيرين يُفرطون فيها، وقد أثبتت الدراسات العلمية الحديثة أن عدم أخذ قسط كاف من النوم لفترات طويلة لا يُقلل من إنتاجية الشخص فقط، بل يُعرضه أيضاً لمخاطر صحية كبيرة، فمن المهم جداً التركيز على مدة وجودة النوم، وذات الأمر ينطبق على ممارسة الرياضة بانتظام.
استعادة الطاقة وأخذ إجازات أمر مهم جداً، لتجنب الإجهاد والاحتراق الوظيفي، فطريقة إنفاقك لوقتك وطاقتك وانتباهك خلال إجازتك، تؤثر بشكل كبير على جودة الإجازة، لذا تأكدي من انفصالك نفسياً وذهنياً عن العمل عند تمتعك بإجازتك وذلك حتى تستعيدي طاقتك وتعودي للعمل بعد الإجازة بشكل أكثر نشاطاً.