كيف أكون فتاة حكيمة؟
تسعى الفتيات إلى التحلي بالحكمة من خلال تعرفها على العوالم ومحيطها بها وهي مجموعة من العلاقات المبنية من المفاهيم التطابقية بين المعارف والمواقف وما يكون عليه الشيء وما ينبغي عليه أن يكون، وتنمو وتنبت باجتماع ثلاثة عناصر هي الذكاء والإرادة والمعرفة؛ لتمثِّل كلُها مجتمعة ميزةً تندُر بين النَّاس؛ لتصبح ذات أثرٍ وقيمة ويعرفها النَّاس بمصطلح الحكمة.
كيف تكونين حكيمةً في حياتك؟
ينطبق مقصود النَّاس ومرادهم وما يتكوَّن لديهم من صورٍ ذهنيَّة لمصطلح الحكمة مع ما تحمله معانيها على اختلافها وتنوّعها، وبحسب الدكتورة سناء الجمل خبيرة التنمية البشرية أنَّ مكوِّنات الحكمة وعناصرها ثابتة مهما تنوَّعت مدارسها وتباينت تعريفاتها.
إن تحقُّق الحكمة في عيونِ النَّاس أمر ممكن لدى فردٍ أو شخصٍ عند تمتُّعه بالذكاء والمعرفة والعزيمة والإرادة التي هي في حقيقة الأمر عناصر الحكمة وسماتها، ذلك يجعل خصيصة الحكمة ميزة فريدة يمتَّع بها عددٌ من النَّاس لا يكون بين السَّواد الأعظم، غير أنَّ الحقيقة تنزع نحو واقع النَّفس البشريَّة التي تتسم بالنقص والعجز عن الكمال،
وبذلك لا يكون الحكيم حكيماً في كلِّ الأمور والمواقف والانفعالات لما يتعيَّن على بشريَّته أن تكون عليه من واقع الحال وطبيعته، فما كمل من عناصر الحكمة لدى الإنسان فهو كمالٌ في حكمته، وما نقص منها يصيبُه فيها فيكونُ أقلَّ حكمةً وتدبيراً مما عداه.
وينبغي على الباحث عن الحكمة والمتزوِّد منها أن يُحدِّد أولاً ماهيَّتها وما يعينه على الاستثمار فيها والاستزادة منها، وأوَّل ما يبين ذلك ويدعمه معرفة كينونة القول والفعل وما يجب قوله من الكلام أو تركه، وما يجب فعله من الأعمال أو هجره،
وقياس ذلك بالزَّمان والمكان والشُّخوص، فما يصحُّ في موقفٍ يتعطَّل في غيره، وما يُنطق في زمنٍ يُعاب في غيره، فالمطلب في تحقيق هذا الجانب هو توفُّر الخبرة باستجماع المعارف ومعايشة التجارب ثمَّ القياس السليم وتعميم الخبرات والأخلاق الحميدة والاتّزانِ والسيطرة على رغبات النفس وشهواتها وإحكام قيادة الهوى وضبطه، وأن يتعرَّف إلى كيفيَّة التدرُّب عليها وتنميطها في الذات، ومن النصائح والوصايا التي تورث الحكمة وتنميها ما يلي:
على الرَّاغب في أن يكون حكيماً أن يعرف أنَّ الحكمة أصنافٌ وأرزاقٌ متعدِّدة، ومن مصادرها ما يفيض به الله تعالى على عباده فيختص بها أناساً دون آخرين؛ ليتفاضل به هؤلاء ويتداولونها بعلومهم ومجالسهم.
الانسجام بين المعتقد والسلوك؛ إذ إنَّ البراعة والإدارة الحسنة في شؤون الحكمة وأمورها أن يتناسب ما يعتقده المرء ويؤمن به ويحمله في كنوز علومه ومعارفه مع ما تُظهره سلوكياته وتحمله للنَّاس عبر المعايشة والتطبيق المباشر، فإذا ما حدثت مفارقةٌ بين المعارف والسلوكيات فإنَّها تحدث شرخاً في ذات الإنسان وإيمانه بنفسه ما يترتَّب عليه غيابُ الإرادة وضعف الدافعيَّة وانسحابُ الشخصيَّة فتصاب الحكمة بضررها العظيم في مثل تلك الظروف.
معرفة الإنسان قدره ومقداره ومحدداته وإمكاناته، ويحصر طبائعه وسلوكاته وميزاته وعيوبه، ويتعرَّف إلى جميع أحواله وأنماطه وأمزجته، ويصف مكانته ومنزلته من العلم، وحدود ما يعرفه وما لم يصل إليه من المعارف والعلوم والخبرات، فيقف من يريد أن يكون حكيماً عند حدود معارفه بلا مراءٍ ولا رياءٍ، فإن سُئِل أجاب بعلومه ومعارفه وتوقَّف عند حدودها بلا جدالٍ ولا اجتهادٍ.
التأهُّب والدَّافعيَّة المتوقِّدة والمتناميةُ للإنجاز المزيد والترقِّي فوق ما يصل إليه بلا إشباع ولا اكتفاءٍ من العلم والفهم والتعلم، واشتعال الهمة في تحصيل المعارف وبذل السعة والجهد في الوصول إليها، واستثمار الخصائص والميزات والطاقات في تنمية ذاته مهنياً واجتماعياً وثقافياً وما تيسَّر من جوانب الشخصيَّة وقدراتها،
فليس من الحكمة أن يكتفي المرء بما وصل إليه من علومٍ ولا بالتوقُّف عن التعلم.
إدراك اتجاهات النَّاس وأنماطهم وأساليب حياتهم وطرائق تفكيرهم وبيئاتهم وظروف معيشتهم وتناغم أفهامهم، فإنَّ ذلك كله يساعد في إمكانيَّة فهم جوانب الأحداث والمواقف، ويبني الأحكام بمنهجيَّة متسلسلةٍ خاليةٍ من الاجتزاء أو الارتجال والتعجّل، ويصنع من الإنسان العادي حكيماً.