حياة المرأة الجنسية
معظم الناس يعرفون أن حياة الرجل الجنسية لا تبدأ ليلة الزفاف، وإنما قبل ذلك بكثير، ولكن معظم الناس يتصورون (أو يحاولون تصور) أن حياة المرأة الجنسية تبدأ فقط ليلة الزفاف، وهم بذلك يُغمضون أعينهم عن حقائق كثيرة، ويتناسون طفولتهم (إذا كانوا آباء وأمهات).
وإني أتخيل هؤلاء الناس كالنعام الذي يضع رأسه في الرمال، متوهِّمًا أنه في مأمن وأن أحدًا لا يراه، على حين أن بقية جسمه خارج الرمال ظاهر وواضح وضوح الشمس.
وقد أدرك هذه الحقيقة عددٌ من العلماء في بداية هذا القرن، وأُجريت عدة بحوث علمية للتعرف على الحياة الجنسية للإنسان (ذكرًا أو أنثى) في جميع مراحل حياته، في الطفولة والمراهقة والشباب والكهولة حتى الممات. ومن أهم البحوث العلمية في هذا الميدان بحوث كينزي التي ظهرت نتائجها في الخمسينات، وبحوث ماسترز وجونسون التي ظهرت نتائجها في الستينات، وأخيرًا بحوث شيرفي وجون ماني وهامسون وبيتش وستولر وغيرهم. وقد أجمع هؤلاء العلماء على أن حياة الإنسان الجنسية (ذكرًا وأنثى) تبدأ منذ الولادة وتنتهي بالممات. وقد كان فرويد من أوائل العلماء الذين واجهوا العالم بحقيقة أن الأطفال لهم حياة جنسية، وأنهم يشعرون باللذة الجنسية ويمارسونها بطريقتهم الطفولية الخاصة بهم، لكنه فسر بعض ملاحظاته عن الأطفال ذكورًا وإناثًا تفسيرًا خاطئًا كما اتضح من البحوث العلمية الجديدة.
وقد اعتقد فرويد أن الجنين في نموه التكويني يمر بمراحل الازدواجية الجنسية التي تنعكس على حياته النفسية بعد أن يولد، وأنه نتيجة لهذه الازدواجية الجنسية التكوينية، «فإن الطفلة البنت تملك عضوًا ذكريًّا (البظر)، والذي هو مصدر إثارتها الجنسية خلال مرحلة الطفولة؛ ولهذا فهي تصادف صعابًا للتخلص من الازدواجية الجنسية أكثر من الصعاب التي يواجهها الطفل الذكر الذي لا يملك عُضوًا أنثويًّا له مثل ذلك النشاط.»
وقد أوضحت البحوث في البيولوجيا وعلم الغدد أنه لا يوجد أي دليل علمي على هذه الازدواجية التكوينية في الجنين، بل على عكس ذلك أوضحت البحوث الجديدة أن الجنين في بداية تكوينه لا يكون مزدوج الجنس (أو خنثى)، ولكنه يكون أنثى، وأن أعضاء الجنين الأنثوية لا تتشكل لتصبح أعضاء ذكرية إلا بعد تأثر الهرمونات الجنينية الذكرية. وبهذه النتائج تنهار نظرية فرويد تخلف فيها عن طريق الازدواجية الجنينية. كما اتضح أن نظرية فرويد عن أن شخصية الأنثى تتشكل بسبب حسد عضو الذكر وصراعها الأبدي من أجل الحصول عليه ليس لها أساس بيولوجي أيضًا.
ولقد أوضحت بحوث جون ماني وهامبسون أن شخصية الإنسان تتحدَّد ذكرًا أو أنثى على الخبرات النفسية والاجتماعية التي تؤكد للإنسان كونه ذكرًا أو أنثى، وذلك من محيط الأسرة والمجتمع الذي حوله. وقد ثبت أن الإنسان يتأكد من نوع جنسه ذكرًا أو أنثى حين يصبح في الثالثة من عمره؛ وبذلك أيضًا تنهار نظرية فرويد عن المرحلة «القضيبية» وما بعد المرحلة القضيبية Phalic and Post Phalic Psychosexual Stages وأن هاتين المرحلتين لا يمكن أن يلعبا الدور الرئيسي (كما فكر فرويد) في تحديد الأنوثة أو الذكورة، وينهار معها أسس نظرية التحليل النفسي عن سيكلوجية الأنثى، والتي تقول: «إنه في المرحلة القضيبية (أو البظرية عند الأنثى) فإنه من المستحيل للشخصية الأنثوية أن تتحقق بيولوجيًّا؛ حيث إن «البظر» هنا هو أساس الإثارة والرغبة الجنسية.»
وقد أثبتت البحوث الجديدة التي أجريت على الأطفال البنات والذكور عددًا من الحقائق الجديدة عن مرحلة الطفولة، كما أنه بُذلت أيضًا محاولات مع البحوث التي أُجريت على الشباب وكبار السن من أجل تذكر فترة الطفولة وخيالاتها والتغلب على الظاهرة التي سُمِّيَت في علم النفس «فقدان ذكريات الطفولة infantile amnesia».
وبالنسبة لحياة الأطفال البنات الجنسية، فقد اتضح من بحوث كينزي وماسترز وجونسون أن الطفلة البنت (كالطفل الذكر) تعرف الجنس مبكِّرًا جدًّا في حياتها، وأحيانًا قبل أن تصل الثالثة من عمرها، لكن البنت تنسى معظم الذكريات الجنسية عن الطفولة (وكذلك الولد)؛ بسبب طبيعة هذه المداعبات الجنسية وتلقائيتها، وبسبب أن البنت تشعر أنها يجب أن تخفي هذه الممارسات عن أمها وعن أي فرد في الأسرة، وما ينتج عن ذلك من إحساس بالذنب لدى البنت يصيبها بالعجز النفسي عن تذكر مثل هذه الذكريات الآثمة، وتنساها فعلًا، ولكن رغم نسيان الطفلة للتجرِبة أو التجارِب التي مرت بها فإنها تكون قد حصلت على خبرة معينة قد تؤثر على سلوكها الجنسي فيما بعد.
وقد وجد كينزي أن ١٪ من النساء اللائي أُجريَ عليهن البحث (٨٠٠٠ امرأة) يتذكرن المداعبات الجنسية التي مارسنها مع الأطفال الذكور وهن في سن الثالثة من العمر، و٨٪ يتذكرون هذه الممارسات وهن في الخامسة من العمر، و٣٪ يتذكرنها وهن في السن قبل البلوغ أو قبل المراهقة.
ويُقارن الأطفال أعضاءهم التناسلية كما يقارنون أصابعهم وأنوفهم، ويفعلون ذلك بتلقائية طبيعية؛ لأن الأعضاء الجنسية مثلها مثل أي أعضاء أخرى في الجسم، لكن تحذير الكبار لهم وتخويفهم هو الذي يربكهم ويجعلهم أكثر رغبةً للممارسة الخفية وراء أعين الكبار، لكن الإحساس بالذنب يسود معظم هذه التجارِب المبكرة، ويترك آثارًا نفسيةً ضارةً بالبنت الصغيرة (الولد أيضًا)، وتزداد الحالة سوءًا لو اكتشفها أحد الكبار وعوقبت بالضرب مثلًا أو الإهانة، إن مثل هذا الإحساس بالذنب يجعلها لا تقبل العلاقة الجنسية حين تتزوج، وإن قبلتها عن وعي فإنها لا تقبلها عن غير وعي. أمَّا إذا لم يُظهر الكبار أي فزع عند اكتشافها لمثل هذه الممارسات فإن الطفلة لا تشعر بالذنب، ولا يؤثر ذلك على تقبلها الجنسي فيما بعد.
وتنقطع هذه الممارسات الجنسية الطفولية قبل المراهقة بقليل أو أثناءها حسب ضغوط الأسرة والمجتمع، ولولا هذه الضغوط الاجتماعية لاستمرت هذه الممارسات طبيعية. وقد ظن فرويد وزملاؤه أن هذا الانقطاع فترة انكماش، وسماها الفترة الكامنة Latency.
أمَّا العلماء الآخرون فيرَوْن أن هذه الفترة هي فترة «عدم نشاط» تُفرض على البنت بواسطة المجتمع وليست هي فترة كمون بيولوجي كما اعتقد فرويد، وقد وجدوا أن معظم البنات يمارسن العادة السرية في هذه الفترة، وهذا يدل على أن النشاط موجود ولكنه مخيف ومكبوت.
وقد وُجد أن نسبة غير قليلة من البنات الأطفال يتعرضن لاعتداءات جنسية مختلفة من الرجال الكبار، وأن نسبة كبيرة منهن ينسَوْنَ هذه الحوادث، خاصة إذا كان الرجل المعتدي أحد أفراد الأسرة المحرمين مثل الأخ أو العم أو الخال أو الأب.
ووجد كينزي في بحثه أنه من بين ٤٤٤١ امرأة هناك ١٠٧٥ امرأة تذكر أنه حدث لها أثناء الطفولة اتصال جنسي بأحد الرجال الكبار، أي بنسبة ٢٤٪ (٧٦٪ من النساء لم يذكرن هذا). ووجد كينزي أن معظم هذه الحالات من الطبقات الفقيرة حيث الزحام في الحجرات وتلاصق الأجسام، وتقل هذه النسبة قليلًا عن النسبة التي نتجت عن البحث الذي قمت به على ١٨٠ امرأة مصرية في العام الماضي.
وقد صنف كينزي أنواع الرجال الكبار الذين مارسوا هذه الاعتداءات الجنسية على البنات كالآتي:
نوع الرجل الكبير نسبة حوادث الاعتداء على الأطفال البنات
غرباء ٥٢٪
معارف وأصدقاء ٣٢٪
الخال أو العم٩٪٢٣٪
الأب٤٪
الأخ٣٪
الجد٢٪
أقارب آخرون٥٪
أي أن أفراد الأسرة والأقارب يمثلون ٢٣٪، أمَّا هاميلتون (١٩٢٩) Hamilton فقد وجد أن هؤلاء ٢٠٪، ولانديز (١٩٤٠) Landis Etal وجد أنها ٣٥٪، وباومان (١٩٥٢) Bowman وجد أنه من ٤٩ حالة فإن ٧ حالات فقط كانت الغرباء، والباقي من أفراد الأسرة والأقارب.
وقد درس هؤلاء العلماء مشاعر الطفلة النفسية في تلك الحالات، ووجدوا أن هذه المشاعر كالآتي:
اهتمام.
استطلاع.
سرور ولذة.
شعور بالحرج.
خوف أو فزع.
شعور بالذنب أو الإثم.
وقد وجدوا أن اكتشاف الأسرة للحادث أو البوليس أو المدرسة يسبب ذعرًا للطفلة البنت أكثر من العمل الجنسي ذاته، وتكتم البنت في معظم الأحوال هذه الحوادث بسبب الشعور باللذة الذي قد يكون ضئيلًا جدًّا أحيانًا، ولكنه يكفي لأن يجعل البنت تشعر بالخوف والذنب. وفي معظم هذه الحالات لا تحدث أضرار جسيمة للبنت إلا في حالات نادرة جدًّا حين يحدث نزيف شديد أو قطع في الأنسجة، ولكن معظم الحالات تمر بغير أضرار جسيمة، وأحيانًا يتمزق غشاء البكارة، وفي أحيان أخرى لا يتمزق. ولا يعتبر هؤلاء العلماء تمزق الغشاء من الأضرار الجسيمة لأنه لا يضر بصحة الفتاة الجسمية، ولكنه قد يؤثر على حياتها النفسية فيما بعد إذا كانت تعيش في مجتمع يعتبر أن سلامة غشاء البكارة دليل شرف الفتاة.
وتصل البنت إلى المراهقة جسديًّا أسرع من الولد، ويرى العلماء أن هذه القدرة البيولوجية في الأنثى على النمو والنضوج بأسرع من الذكر تتفق مع الحقائق البيولوجية الجديدة التي تقول إن الجنين يبدأ أنثى؛ وبذلك يكون تكوين الأنثى البيولوجي أكثر متانة وكفاءة (لأنه الأصل) من تكوين الذكر؛ ولهذا يكون نموه ونضوجه أبطأ من نموها.
وتتأخر مراهقة الولد عن مراهقة البنت سنة أو سنتين، كما أنها تمتد فترة أطول ٤ سنوات أو أكثر. وهكذا تنضج البنت جسديًّا أسرع من الولد، لكن الضغوط الاجتماعية على البنت قد تعرقل نموها النفسي والجنسي وتعطله عن الولد.
وكان هناك اعتقاد بأن مراهقة البنت تبدأ بالحيض، وهذا غير صحيح؛ لأن المراهقة تبدأ قبل ذلك، معظم البنات تبدأ عندهن بظهور شعر العانة، وقد يبدأ مبكِّرًا في بعض البنات سن ٨ سنوات، وقد يتأخر حتى سن ١٨ سنة (المتوسط عند سنة ١٢٫٣). نمو الثديين قد يصاحب شعر العانة وقد يسبقه، قد ينمو الثديان مبكِّرًا عند سن ٨ سنوات، وقد يتأخر نموهما حتى سن ٢٥ سنة (المتوسط ١٢٫٤)، ويتوقف طول قامة البنات من ٩ سنوات إلى ٢٥ (المتوسط ١٥٫٨)، ويبدأ الحيض من ٩ سنوات إلى ٢٥ سنة (المتوسط ١٣ سنة). والحيض قد يكون أول علامات المراهقة، وهو حادث مفاجئ، ويجب أن تُعَدَّ له البنت من قبل وإلا أصابها بصدمة نفسية وفزع. وقد وجد كينزي أن ٩٪ من البنات يُفاجأن بالحيض دون سابق معرفة، وأن ٨٪ يعرفن عن الحيض من مصادر غير الأم، وأن ٢٪ فقط يعرفن من الأم. ويتفق هذا مع النتائج في البحوث الأخرى (وأيضًا البحث الذي أجريته حيث يمر بك في هذا الكتاب)، ويدل على تلك العلاقة الصامتة بين الأمهات وبناتهن والآثار النفسية السيئة لإخفاء الأمهات لأبسط حقائق الحياة عن بناتهن.
وقد يفرز المبيضان البيض الناضج قبل ظهور الحيض، وهناك حالات حمل حدثت قبل ظهور الحيض بسبب إفراز البيض الناضج، لكن في معظم البنات لا يُفرَز البيض الناضج إلا بعد ظهور الحيض بعدة سنوات، وتُسَمَّى هذه الفترة بعقم المراهقة adolescent sterility، وهو ليس عُقمًا كاملًا؛ لأنه أحيانًا تُفرَز بيضة ناضجة من حين إلى حين، لكن إفراز البيض الناضج شهريًّا بصفة منتظمة لا يحدث عند الفتاة إلا في سن من ١٦–١٨ سنة.
وقد وُجد أن اكتساب الفتاة لأية كفاءة في الاستجابة الجنسية تتوقف على نوع الخبرة الجنسية التي خبرتها في الطفولة والمراهقة، وعلى العوامل الاجتماعية التي تؤثر عليها نفسيًّا وتجعلها تكبت رغباتها.
وقد وجد كينزي أن العادة السرية هي أكثر الأنشطة الجنسية التي تسبب الأورجازم (قمة اللذة) للمرأة، وأن ٩٥٪ من النساء يصلن إلى الأورجازم من خلال العادة السرية. ووجد دافيز (١٩٢٩) Davis أن هذه النسبة ٨٨٪.
أمَّا في الزواج فقد وجد أن كثيرًا من النساء يفشلن في الوصول إلى الأورجازم؛ وذلك بسبب محاولة الزوجة إخفاء كثير من الحقائق عن زوجها، وإخفاء رغباتها، ومحاولة التكييف مع رغباته هو. أمَّا في العادة السرية فهي تعرف كيف تتصرف مع جسدها دون أن تخشى شيئًا.
وقد وجد كينزي أن ٨٥٪ من النساء يمارسن العادة السرية في أي مرحلة من مراحل عمرهن، ووجد أن ممارسة العادة السرية تزداد بين النساء كبار السن بسبب خبرتهن الجنسية؛ وبسبب عدم إقبال الرجال عليهن في هذه السن. وقد وجد أن ٣٦٪ من النساء لم يعرفن الأورجازم من أي نوع قبل الزواج، وأن عدم معرفة الأورجازم قبل الزواج تسبب تأخر المرأة في الاستجابة الجنسية ثلاثة أضعاف عن استجابة النساء اللائي عرفن الأورجازم قبل الزواج، ووجد أن ٥٠٪ فقط من النساء من يعرفن الأورجازم بصفة منتظمة قبل الزواج.
وقد اعتُقد خطأ أن الذكور فقط هم الذين يمارسون الأحلام الجنسية (الاحتلام)، وقد وُجد أن الأحلام الجنسية تُمارَس في كلا الجنسين، وتسبب الأورجازم والقذف في كلا الجنسين. وقد تكونت فكرة خاطئة من أن الاحتلام في الذكور يحدث بسبب تجمع السائل المنوي في الخُصيتين، وأنه حين تمتلئ الخُصيتان فإن السائل يسبب ضغطًا، وهذا بدوره يقود إلى الأورجازم ثُمَّ القذف أثناء النوم.
وقد أثبت التشريح والفسيولوجيا خطأ هذه الفكرة؛ فإن السائل المنوي يتكون من إفرازات غدة البروتستاتا والحويصلتين المنويتين، ويُضاف إليه شيء صغير جدًّا (ميكروسكوبي) من الحيوانات المنوية من الخُصيتين، وليس هناك ما يوضح أن الضغط في البروتستاتا أو الحويصلتين المنويتين أو أي غدة أخرى يؤثر على المراكز السفلى للنخاع الشوكي، وهي المراكز التي تصنع الاستجابة الجنسية. ثُمَّ إن النساء يمارسن الأحلام الجنسية إلى حد الأورجازم دون أن يكون لهما خُصيتان أو بروتستاتا أو حويصلتان منويتان؛ وهذا كله يعطي دليلًا على أن الضغط داخل الغدد لا دخل له في القذف الليلي عند الذكر.
وقد اعتُقد خطأ أيضًا أن الأحلام الجنسية عند المرأة ليست إلا تعبيرًا عن حالة عُصابية مرضية Neurotic، وأن المرأة السليمة نفسيًّا لا تمارس الأحلام الجنسية حتى الأورجازم، وقد اعتُقد ذلك لأن العلماء كانوا يجهلون الكثير عن حياة المرأة الجنسية، ويتصورون أن نسبة قليلة منهن تمارس هذه الأحلام. ومن المعروف في الطب النفسي أن أي ظاهرة غير معروفة لدى الأطباء فإنهم سرعان ما يفسرونها على أنها بسبب المرض والعُصاب، ولكن حين اتضح أن حوالي ٧٠٪ من النساء يمارسن الأحلام الجنسية لم يعدْ في إمكان هؤلاء الأطباء اعتبار أن ٧٠٪ من النساء مُصابات بالعُصاب.
ولم يُعرَف علميًّا حتى الآن مبعث هذه الأحلام الجنسية في الإنسان (ذكرًا أو أنثى)؛ لأنه لم يُعرف مبعثها في الحيوانات الثديية. وقد وُجد أن بعض الحيوانات الثديية (ذكورًا وإناثًا) تمارس الأحلام الجنسية. لوحظ انتصاب عند الكلب وهو نائم، والقطط تقذف وهي نائمة، ومهبل الكلبة يتورم وهي نائمة ويفرز (أبحاث فورد وبيتش (١٩٥١) Ford and Beach)، ولكنه وجد أنه من الصعب معرفة هذه الأحلام في حيوان لا يفصح عنها. ولا شك أن الأبحاث في المستقبل ستوضح مبعث هذه الأحلام في فصائل أخرى من الثدييات، وكذلك في الإنسان.
وقد وُجد أن الأحلام الجنسية تزيد عند المرأة كلما كبرت في السن حتى سن ٤٥ سنة، أو إذا حُرمت من عقار أدمنت عليه (كالأدوية المهدئة أو المنومة)، ولكن النساء بصفة عامة يمارسن الأحلام الجنسية أقل من الرجال (٨٠٪ من الرجال يمارسون الأحلام الجنسية)؛ وقد يرجع ذلك إلى الضغوط الاجتماعية النفسية التي تزيد على النساء والتي قد تعطل مختلف الأنشطة الجنسية عندهن ومنها العادة السرية والأحلام الجنسية.
وقد وُجد أن الأحلام الجنسية عند الرجال تكون أكثر ما تكون في سن ٢٠ سنة، ولكن عند النساء في سن ٤٥–٥٠ سنة (معظمهن متزوجات أو سبق لهن الزواج، الأقلية لم يتزوجن)، وقد تصل المرأة إلى سن ٧٠ سنة وتمارس الأحلام الجنسية.
فُسِّرَ ذلك على أن الزواج أو الممارسة الجنسية المنتظمة تنشط المرأة جنسيًّا وتزداد كفاءتها بازدياد الممارسة. وقد وُجد أن الأحلام الجنسية تزداد أيضًا حين يغيب الزوج، أو في حالة المسجونات. لكن وُجد أن الأحلام ليست تعويضًا عن حرمان فحسب، ولكنها تنشط مع أي نشاط جنسي آخر كالعادة السرية أو ممارسة الجنس مع الزوج. وقد يكون الحلم إعادة للأورجازم الذي حدث في الليلة نفسها مع الزوج.
ووجد فرويد أن ٢٥٪ من النساء يحصلن على الأورجازم من العادة السرية والأحلام الجنسية، وأن البقية وهي ٧٥٪ تحصل على الأورجازم عن طريق الاتصال الجنسي السطحي مع الذكور قبل الزواج، وعن طريق العلاقات الجنسية مع الزوج خلال الزواج، وعن طريق العلاقة الجنسية مع نفس الجنس (النساء مع النساء).
وقد لاحظ العلماء أن الاتصال الجنسي السطحي أو المداعبات الجنسية ليست صفة في الإنسان وحده، ولكن بعض فصائل الثدييات تمارس المداعبات الجنسية، وفي بعض الفصائل تستمر هذه المداعبات الجنسية ساعات طويلة — وأحيانًا أيَّامًا — دون الاتصال الجنسي الكامل، لدرجة أن بعض الباحثين كانوا ينتظرون أيَّامًا وهم يراقبون هذه المداعبات، وفي النهاية تحدث العملية الجنسية.
هذه الفصائل هي: البقر، الخيول، الخراف، القطط، الأسد، اللبؤة، الكلاب، الأرانب، الفئران، القرد، الشمبانزي، وغيرها. وتتم المداعبات في الحيوانات عن طريق اللسان والشم والقفز والقبل وملامسة الأعضاء الجنسية. وتستخدم الحيوانات اللسان والأنف في هذه المداعبات أكثر من الإنسان الذي يستخدم يده أكثر بسبب تطور يده عن الحيوانات.
وفي بعض الفصائل الحيوانية تكون الإناث أكثر إيجابية من الذكور في هذه المداعبات، وخاصة في فترة الحرارة estrus، وهي التي تبدأ، وقد تكون عدوانية كما هو الحال في بعض النساء، ولكن الذكر هو الذي يبدأ في فترة عدم الحرارة؛ إذ عادةً تكون الأنثى هادئة وغير مُثارة جنسيًّا كالذكر.
والمداعبات الجنسية في الإنسان طبيعية، ولكن بعض الناس يتصورون أنها غير طبيعية، وأن العملية الجنسية المعروفة بين الرجل والمرأة هي الشكل الطبيعي الوحيد للممارسة الجنسية؛ لأنها التي تسبب الحمل والإنجاب، أمَّا الممارسة الجنسية التي لا تسبب الحمل والإنجاب فينظر إليها بعض الناس على أنها غير طبيعية. وهذه النظرة خاطئة للنشاط الجنسي في الإنسان. إن المداعبات الجنسية نشاط جنسي طبيعي في جميع الثدييات ومنها الإنسان، وإن كبت الرغبة في ممارسة هذه المداعبات هو الشيء غير الطبيعي.
ويظن بعض الناس أن هذه المداعبات بدعة من الطبقات المثقفة التي تبحث عن تنوع النشاط الجنسي، وعن وسائل متنوعة للذة الجنسية، ولكن الذي يلاحظ حياة الحيوانات الثدييات يدرك أن هذه المداعبات الجنسية ليست بدعة الإنسان المثقف أو المتحرر، وإنما هي طبيعة الحيوانات والإنسان، وقد يكبتها أحيانًا حين لا يجد الوقت أو القدرة على تحطيم المحظورات التقليدية حول الجنس. وقد وجد كينزي أن ٤٠٪ من النساء — في البحث الذي أجراه — مارسن المداعبات الجنسية قبل وصولهن سن ١٥ سنة، وأن ٧٠–٩٥٪ مارسنها بوصولهن سن ١٨ سنة، ووجد أن ١٠٠٪ من النساء المتزوجات لهن تجارِب في المداعبات الجنسية قبل الزواج، وأن ٣٩٪ فقط يصلن إلى الأورجازم عن طريق هذه المداعبات.
والقبلات نوع من أنواع المداعبات الجنسية، وقد تكون قبلات بسيطة أو قبلات عميقة، القبلات البسيطة قد تثير المرأة جنسيًّا وقد لا تُثيرها، لكن القبلات العميقة لها تأثير قوي؛ لأن الشفتين واللسان وداخل الفم كلها غنية بالأعصاب، وقد تصل المرأة أحيانًا إلى الأورجازم من مثل هذه القبلات وحدَها دون أي اتصال جنسي حر، وبعض النساء يرفضن القبلات بسبب تربية معينة، ولكنهن يوافقن على مداعبات أخرى. وقد تفقد المرأة عقَدها النفسية بالتدريج بعد استمتاعها بالقبلات. والثدي من المناطق الحساسة في المرأة، ولكن هناك بعض العقد النفسية الخاصة بالثدي؛ لأنه مصدر إرضاع الطفل، وقد ظل المجتمع الصيني لعدة قرون يعتبر ثدي المرأة بغير جاذبية جنسية بل مُنفِّرًا بسبب المحظورات على الجنس؛ ولأن الثدي يُرضع الطفل.
ومن المفاهيم الشائعة الخاطئة أن الرجل وحده هو الذي يشعر بضيق وألم إذا أُثير جنسيًّا ولم يصل إلى النهاية أو القذف، ولكن اتضح أن المرأة أيضًا تشعر بضيق وألم إذا لم تصل إلى الأورجازم، وهذا له سبب فسيولوجي كما في حال الرجل تمامًا، وله سبب نفسي أيضًا. وبعض النساء يمارسن العادة السرية للتخلص من الألم أو التوتر. إن الإثارة الجنسية غير المكتملة تسبب نوعًا من التوتر «العصبي العضلي»، إذا لم يحدث الأورجازم فإن هذا التوتر يبقى فترة طويلة قد يصل إلى ساعات قبل أن يضيع، ولكن الأورجازم يضيع هذا التوتر في ثوانٍ أو دقيقتين؛ وتشعر المرأة كالرجل بالراحة الكاملة ما لم يكن هناك شعور بالذنب أو الإثم أو الندم أو الخوف من الحمل.
وقد وجد كينزي (١٩٥٣) وديل (١٩٣٠) ونيرمان (١٩٣٨) وليفي ومونرو (١٩٣٨) وسكوير (١٩٣٨) ولانديز (١٩٤٠) وبول لانديز (١٩٤٥) وماكاندرو (١٩٤٦) وبراون وكيمتون (١٩٥٠) وتبرمان (١٩٥١)، وجد كل هؤلاء العلماء في بحوثهم أن المداعبات الجنسية لكلا الجنسين تمهد لحياة جنسية أكثر نضوجًا في الزواج، وتساعد النساء بعد الزواج على الوصول إلى الأورجازم. وقد وجد كينزي أن ٤٤٪ من الزوجات اللائي لم يعرفن الأورجازم على الإطلاق قبل الزواج فشلن في الوصول إلى الأورجازم على الإطلاق في السنة الأولى للزواج، على حين أن ١٣٪ فقط من الزوجات اللائي عرفن الأورجازم من قبل فشلن في الوصول إليه في السنة الأولى من الزواج (كينزي ١٩٥٣، ص٢٦٥).
وقد وجد كينزي أن ٦٤٪ من النساء خبرن الأورجازم قبل الزواج عن طريق مختلف الأنشطة الجنسية، ابتداءً من العادة السرية إلى الأحلام إلى المداعبات السطحية من الجنس الآخر أو الجنس نفسه إلى العملية الجنسية ذاتها، لكن العملية الجنسية لم تمثل إلا ١٧٪ فقط من الأسباب التي تسبب الأورجازم قبل الزواج.
وتُباح العملية الجنسية بين الجنسين في عدد من المجتمعات قبل الزواج، وهناك مجتمعات تبيحها للرجال فقط ولا تُباح للنساء؛ ولذلك يُضطر هؤلاء الرجال إلى ممارستها مع المومسات أو مع الخادمات ونساء الطبقة الأدنى. وقد أباحت بلاد أوروبا وأمريكا جميعًا العلاقة الجنسية للرجال والنساء بعد انهيار الأخلاقيات المسيحية، وكانت السويد والبلاد الإسكندنافية في مقدمة هذه البلاد.
وفي بحث كينزي وُجد أن ٥٠٪ من النساء الأمريكيات مارسن العلاقة الجنسية الكاملة مع الجنس الآخر قبل الزواج، وأن ٢ / ٣ فقط حصلن على الأورجازم. ووُجد أن ٨٧٪ من هؤلاء النساء تزوجن الرجل الذي مارسن معه الجنس قبل الزواج. ووُجد أن ٥٣٪ من النساء مارسن الجنس قبل الزواج مع رجل واحد فقط، وأن ٣٤٪ مارسن مع ٢–٥ رجال، وأن ١٣٪ مارسن مع ٦ رجال فأكثر. وقد وجد أن ٤٥٪ من الزوجات الأمريكيات يمارسن الجنس في الوضع الأعلى للزوج، والباقيات ٥٥٪ يمارسن في الوضع الأسفل الشائع.
وقد وُجد أن ٦٩٪ من النساء اللائي مارسن الجنس قبل الزواج لم يشعرن بالندم على ذلك، والباقيات ٣١٪ شعرن بالندم. كما وُجد أن ٤٠٪ من الرجال الأمريكيين يفضِّلون العذراء في الزواج، وأن ٢٣٪ من النساء يفضلن الرجل البكر أيضًا (لم يسبق له ممارسة الجنس).
ويقول معظم علماء الجنس: إن الطريقة المتحفظة والقيود الصارمة على بنات الأسرة المتوسطة والعالية تدفع الرجل إلى أن يعرف أكثر طرق المومسات في الجنس وطريقتهن عن أن يعرف طريقة الفتاة التي سيتزوجها، كما أن هذه التربية نفسها تجعل الأزواج يشعرون باحترام لزوجاتهم كأمهاتهم وأخواتهم؛ وبالتالي لا يشعرون بلذة جنسية معهن، وبعد الزواج يظل عدد كبير من الأزواج يسعَوْنَ إلى ممارسة الجنس مع المومسات من أجل الحصول على المتعة الجنسية التي تعودوا عليها.
أمَّا البنت فإن القيود الصارمة التي تتعرض لها والحرمان الطويل الذي تعيشه يجعلها بعد الزواج عاجزة عن التخلص من عقدها النفسية والجسدية، ولا يمكن أن نتصور أن الفتاة يمكن بطريقة سحرية (لسبب ما سحري في حفل الزواج) أن تتخلص فجأة من عقدها. وتوضح نتائج البحوث أن معظم النساء ومعظم الرجال أيضًا يجدون صعوبة بعد الزواج في استعادة طبيعتهم الحرة التي كانوا عليها في الطفولة، ويصعب عليهم أن يستجيبوا للرغبة واللذة بدون القيود الجسدية والنفسية التي فُرضت عليهم وفرضوها على أنفسهم.
إن الوصول إلى الأورجازم قدرة جسدية تحتاج إلى ممارسة وخبرة؛ ودليل ذلك أن المرأة المتزوجة لا تصل إلى الأورجازم إلا بعد عدة سنوات من الزواج قد تصل إلى ٢٨ سنة. وقد وجد كينزي أن ٧٥٪ من النساء اللائي خبرن الجنس إلى الأورجازم قبل الزواج وصلن إلى الأورجازم في السنة الأولى للزواج.
وقد وُجد أنه في السنة الأولى للزواج يرغب الرجل في الجنس أكثر من المرأة، وبمرور السنين تتغلب الزوجة على عقدها، وحين تصبح قادرة على الجنس وراغبة فيه (ويكون ذلك عند ٤٠–٥٠ سنة من عمرها) تكون قدرة زوجها الجنسية قد انخفضت (الزوج غالبًا يكبر زوجته بعدة أعوام)، ويكون الزوج أيضًا قد تعود منها عدم الاستجابة الكافية أو الرفض؛ ولهذا تلجأ بعض هؤلاء الزوجات الكبيرات السن إلى الشباب من أجل الإشباع الجنسي الذي فقدته في سنوات شبابها.
ومن الأفكار الشائعة الخاطئة أن الوضع الطبيعي الوحيد للمرأة في الجنس هو الوضع الأسفل والرجل أعلى، ولكن بعض علماء الجنس يرَوْنَ أن وضع المرأة أعلى هو وضع أكثر طبيعية، ويسهل عليها الوصول إلى الأورجازم، وكذلك الرجل؛ بسبب سهولة التلامس الكلي للأعضاء، كما أن هذا الوضع يساعد المرأة على الحركة والإيجابية أكثر من الوضع الأسفل. وقد وجد أن في السنين الأولى للزواج تتغير الأوضاع ويتبادل الزوجان، ثُمَّ يستقران في النهاية على الأوضاع التي تعطيهما اللذة القصوى.
وتدل معظم البحوث أن كثيرًا من الزوجات لا يصلن إلى الأورجازم، ولكنهن يشعرن بالرضا حين يرضى الرجل، ويستمر الزواج ناجحًا رغم ذلك؛ لأن المرأة تعودت على التضحية بنفسها ورغباتها من أجل الرجل، لكن ذلك ينعكس على صحتها النفسية فيما بعد. وقد وُجد أن المداعبات الجنسية قبل العملية الجنسية ذاتها تساعد الزوجة على الحصول على الأورجازم، وتستمر هذه المداعبات عادةً من ٤ دقائق إلى ٢٠ دقيقة، وأحيانًا إلى ٣٠ دقيقة، وخاصة بين المثقفين المتحررين من العُقَد، ولكن هناك بعض الأزواج والزوجات يكرهون هذه المداعبات ويتصورون أنها نوع من الانحراف أو الفسق، وتتصور بعض الزوجات أن خلع ملابسهن كلها أثناء الجنس نوع من الحرام أو العيب، وبعض الزوجات لا يستطعن ممارسة الجنس إلا في الظلام التام بسبب الخجل والحرج والشعور بالذنب. ومعظم الزوجات مُصابات بالبرود الجنسي بدرجات متفاوتة حسب التربية في الطفولة والمراهقة. وفي الحالات التي تصل فيها الزوجة إلى الأورجازم فإنها تكون عادةً أبطأ من زوجها في الوصول؛ وذلك بسبب الكبت الذي تعانيه أكثر من زوجها، ووجد أن في الزوجات غير المكبوتات فإن المرأة قادرة على الوصول إلى الأورجازم عدة مرات (من ٤ إلى ٢٠ مرة) في الوقت الذي يقذف فيه زوجها مرة واحدة فقط.
ووجد العلماء أن الاستجابة الجنسية تعتمد على ثلاثة عوامل:
(١)نوع المؤثر وقوته.
(٢)القدرة الجسمية والنفسية.
(٣)نوع التجرِبة السابقة والقيود الاجتماعية السابقة.
وقد وُجد أن أهم العوامل هي نوع التجارِب السابقة، ثُمَّ نوع الرجل الذي مع المرأة، ثُمَّ القدرة الجسمية من حيث الجهاز العصبي والعضلي والدوري، وغير ذلك من النواحي الفسيولوجية والبيولوجية التي قد تساعد المرأة أكثر على الوصول إلى الأورجازم.
وقد وجد كينزي أن ٢٤٪ من الزوجات الأمريكيات يمارسن الجنس خارج الزواج من أجل الحصول على الأورجازم. وتختلف قدرات النساء على الوصول إلى الأورجازم، وهناك بيانات عن أطفال بنات سن ٤ شهور وصلن إلى الأورجازم، وهناك نساء لم يصلن إلى الأورجازم حتى سن ٥٠ سنة ثُمَّ وصلن بعد ذلك، وهناك نساء يصلن عدة مرات في كل اتصال جنسي. وقد وُجد أن المرأة حتى سن ٩٠ سنة تستجيب للجنس يعرفن الأورجازم، لكن الكبت والضغوط تجعل معظم النساء لا يعرفن الأورجازم إلا نادرًا، (والأطفال الذكور يصلون إلى الأورجازم ولكن دون قذف؛ لأن غدة البروتستاتا لا تكون قد أفرزت بعد).
ومن المعروف علميًّا أن تجويف المهبل عند المرأة (كتجويف الأمعاء الغليظة) فقير جِدًّا في الأعصاب الحساسة للمس، بعكس البظر والشفرتين الداخليتين. وقد أخطأ بعض علماء النفس حين ابتدعوا ذلك الاصطلاح وهو الأورجازم المهبلي، وهو الأورجازم الذي تشعر به المرأة فقط حين يكون العضو الذكري داخل المهبل، واعتبروه أورجازم المرأة الناضجة. وقد أدرك فرويد أن البظر حساس في البنت، والمهبل غير حساس عندها، ولكنه قال إن نضوج المرأة الجنسي معناه انتقال الإحساس من البظر إلى المهبل ونمو الإحساس في المهبل، لكن ليس هناك في علم التشريح ما يثبت صحة ذلك التحول في الإحساس، والأعصاب لا تنمو في المهبل حين تكبر البنت، ومن المستحيل أن تنزرع أعصاب جديدة فجائية في البنت بمجرد أن تصبح زوجة أو امرأة.
وقد كتب فرويد سنة ١٩٣٣ (ص١٦١): «إن البظر عند البنت (في المرحلة البظرية) يسيطر على المنطقة الحساسة، لكنه لا يستمر كذلك؛ فإنه بالتحول نحو الأنوثة فإن البظر يعطي للمهبل حساسيته.»
وحيث إن هذا التحول مستحيل عُضويًّا، وليس له أي دليل تشريحي عن انتقال الأعصاب من البظر إلى المهبل، فإن التبرير الوحيد الغامض الذي ساقه فرويد هو أن هذا التحول يحدث نفسيًّا، ولكن السؤال الآن: كيف يصبح عضو بدون أعصاب حسَّاس نفسيًّا؟!
وفي نظرية التحليل النفسي بقيادة فرويد فإن المرأة التي لا يحدث لها تلك الأعجوبة النفسية (التي بغير أساس تشريحي أو فسيولوجي)، فإنها تصبح امرأة مُصابة بالبرود الجنسي (ص٢٧٨).
ويكتب فرويد (١٩٣٥): «في هؤلاء النساء الباردات جنسيًّا فإن البظر يعاند ويحتفظ بحساسيته.»
ويكتب آخرون يقولون: «البرود الجنسي معناه أن المرأة تعجِز عن الحصول على الأورجازم المهبلي.» ويكتب أبراهام يقول: «في حالة البرود الجنسي فإن البظر يظل مبعث الإحساس الجنسي، أمَّا المهبل فلا يكون.»
وقد ثبت خطأ هذه الفكرة من أساسها؛ لأنه في الأورجازم تتدخل أجزاء متعددة من الجهاز العصبي وجميع أعضاء الجسم التي يتحكم فيها الجهاز العصبي، وفي بعض النساء تكون الانقباضات العضلية المصاحبة للأورجازم عنيفة وفي جميع أجزاء الجسم، وتستمر مدة طويلة، وفي بعض النساء تكون أقل قوة وأقصر مدة، وفي هؤلاء النساء اللائي يحدث لهن الانقباضات في كل الجسم، فإن انقباضات المهبل تكون قوية جدًّا، والأخريات اللائي يحدث لهن انقباضات ضعيفة تكون انقباضات المهبل ضعيفة، وهذا كله لا علاقة له بالنضوج. ليس هناك ما يثبت علميًّا أن المهبل يستجيب وحده كعضو منفصل عن بقية أعضاء الجسم، أمَّا أن تشعر المرأة أو الرجل بالرضا النفسي أكثر حين تشتد انقباضات المهبل فهذا شيء نفسي بحت ولا علاقة له بما يحدث في الجسم حقيقة، وكم ضاع وقت أطباء النفس من أجل علاج النساء المُصابات بالبرود الجنسي لكي يحوِّلوا الاستجابة البظرية إلى استجابة مهبلية دون جدوى، وكم اضطربت النساء نفسيًّا وعصبيًّا لعجزهن عن تحقيق هذه الأعجوبة المستحيلة بيولوجيًّا وتشريحيًّا وفسيولوجيًّا.
ومن الأخطاء الشائعة أيضًا أن ثدي المرأة وحدها هو الحساس للمس والإثارة الجنسية، ولكن عددًا من العلماء وجدوا أن ثدي الرجل أيضًا حساس للمس والإثارة الجنسية، ولكن بسبب المحظورات الاجتماعية إيجابية المرأة في الجنس ولصغر حجم ثدي الرجل فلم يُعرَف أنه حساس للمس إلا في بعض حالات الاتصال الجنسي بين الرجل والرجل؛ وهذا ليس بسبب اختلاف أحاسيس هؤلاء الرجال عن الآخرين من الرجال الذين يُفضِّلون الجنس مع المرأة، ولكنه بسبب أن قليلًا من النساء من يحاولن لمس ثدي الرجل أو إثارته، ولكن هذه الإثارة تحدث مع زميله الرجل أكثر من المرأة، ويُعرَف أن الثدي عند الرجل حساس أيضًا.
وقد وجد العلماء أيضًا أنه بسبب المحظورات الاجتماعية على لذة المرأة الجنسية، ولصغر حجم البظر عند المرأة، فلم يعرف الرجال أنه أشد حساسية من المهبل، لكنه وُجد أن النساء اللائي يمارسن الجنس مع النساء يركزن على البظر؛ وليس ذلك بسبب اختلاف أحاسيس هؤلاء النساء عن الأخريات اللائي يفضلن الجنس مع الرجل، ولكنه بسبب أن قليلًا من الرجال من يفهم أهمية البظر وأهمية إثارته، لكن هذه الإثارة البظرية تحدث مع زميلتها المرأة التي تفهم جسم المرأة أكثر مما يفهمه الرجل، وكذلك تحدث الإثارة البظرية في العادة السرية عند المرأة لأنها تفهم جسمها.
وبمقارنة الرجال والنساء توصل علماء الجنس إلى النتائج الآتية:
(١)في الجنسين بالتساوي تلعب نهايات الأعصاب في الجسم الدور الأساسي في الإثارة الجنسية، وهي موجودة وموزعة في أعضاء الجسم عند الذكر والأنثى بالتساوي؛ ولهذا ليس هنا ما يثبت أن هناك فروقًا بين حساسية جسم المرأة والرجل للجنس في جميع أعضاء الجسم المتشابهة والمناطق المتشابهة.
(٢)أعضاء المرأة والرجل الجنسية أصلها التشريحي واحد، ولها الوظائف نفسها تقريبًا والأحاسيس. إن عضو الذكر (رغم كبر حجمه) لم يُعرَف عنه علميًّا أنه أكثر ثراءً بنهايات الأعصاب من البظر الأصغر حجمًا، وهما على نفس الأهمية من الحساسية للإثارة الجنسية، لكن كبر حجم العضو عند الذكر قد يكون له تأثير نفسي، وأيضًا قد يتلقى تأثيرات مباشرة (أكثر من البظر) بسبب بروزه خارج الجسم.
(٣)الشفرتان الداخليتان وفتحة المهبل مناطق حساسة في المرأة لا يقابلها مناطق مثلها عند الرجل، وهذا يزيد من حساسية المرأة ويعوضها عن كبر عضو الرجل.
(٤)إن كِبَر حجم عضو الرجل ووجود تجويف للمهبل عوامل قد تساعد على تحديد دور كل جنس أثناء العملية، المرأة قد تجد راحة نفسية في تلقي عضو الرجل داخل المهبل، والرجل يشعر براحة نفسية من قدرته على ذلك، ولكن هذا لا يفسر إيجابية أو عدوانية الرجل وسلبية المرأة، فلا يوجد في الفروق التشريحية والفسيولوجية للذكور والأنثى ما يجعل الذكر أكثر عدوانية من الأنثى أثناء الجنس، إن هذه العدوانية اجتماعية وثقافية ونفسية، وليس لها أي أسباب داخل جسم الإنسان، وليس هناك ما يثبتها علميًّا في التشريح أو الفسيولوجيا أو البيولوجيا.
(٥)مهبل المرأة ليس له مقابل عند الرجل، ولكن أهميته قليلة جدًّا في الجنس، إنه قد يثير الرجل، ولكنه لا يلعب دورًا في إثارة المرأة.
(٦)مناطق الجسم المختلفة في الرجل والمرأة متساوية الحساسية، وتغذيها الأعصاب نفسها عددًا وكميةً، والثدي أيضًا متساوي الحساسية في الجنسين، ولا توجد فروق في الأحاسيس السطحية أو العميقة لأي عضو أو منطقة في جسم المرأة تختلف عن جسم الرجل.
(٧)ليس هناك ما يثبت وجود فروق في استجابات الرجل أو المرأة تجاه البصر أو الشم أو السمع أو التذوق.
(٨)لا توجد فروق بين الرجل والمرأة تشريحيًّا وفي الوظائف الأساسية للجنس.
(٩)الرحم عند المرأة ليس له مقابل عند الرجل، وليس له أهمية في الجنس كالمهبل، ولكنه العضو الذي ينمو فيه الجنين حتى الولادة.
وقد وُجد أن القيم الاجتماعية الصارمة والخوف من عقاب المجتمع يفعل عند الإنسان ما يفعله الألم العضوي عند الحيوان؛ فتبتعد المرأة عن الرجل خوفًا من المجتمع مثلما يبتعد الحيوان عن شعلة من النار أو فخ مؤلم، إن معظم الاستجابات العكسية استجابات تعلمها الحيوان والإنسان من خبراته السابقة، وهي لا تمثل الاستجابة الطبيعية.
إن ابتعاد المرأة عن الرجل أو البرود الجنسي أو عدم صحة العلاقة بين الأزواج والزوجات ليست إلا نتيجة التشويه الاجتماعي للاستجابات الطبيعية في كلا الجنسين. إن الجنس في الإنسان إنساني، من أجل الحب واللذة والسعادة الجنسية، وليس من أجل التناسل فحسب، لكن التربية الخاطئة والتعليم الخاطئ بسبب ما سُمِّيَ في الفسيولوجيا وعلم النفس بالارتباط الشرطي Conditioning.
إن من خصائص المادة الحياة أنها تتكيف وتكيف نفسها حسب التجرِبة والخبرة السابقة في جميع مراحل العمر منذ الولادة حتى الممات. وقد ركز «فرويد» على خبرة الطفولة، لكنه ثبت أن خبرة المراحل الأخرى كالمراهقة والشباب لا تقل أهمية عن خبرة الطفولة.
ولا شك أن الإنسان أكثر قدرة على التعليم والتكيف من الثدييات الأخرى بسبب تطور فص المخ الأمامي عند الإنسان. إن الإنسان أو الحيوان لا يتعلم وظائف الفسيولوجية، ولكنه يولد بها، ولكن عملية التعليم هي التي تشكل العلاقات الجنسية بين البشر.
وعملية التعلم تتكون من: التجرِبة السابقة، مشاركة الآخرين عند سماع تجارِبهم، العقاب أو اللذة الناتجة، نظرة المجتمع، الأشياء المصاحبة للتجارِب الجنسية، الأصوات، الروائح، الأشكال، حركات معينة، كل ذلك قد يصبح أقوى من المؤثر الجنسي المباشر.
ومن هنا خطر التعليم الخاطئ وخطر التجارِب السيئة السابقة وخطر التخويف والعقاب، وخطر تعليم الأطفال الكذب وإخفاء الحقائق، وخطر تعويد الشباب على التلصص وسرقة اللذة الجنسية، ثُمَّ الوقوع بعد ذلك فريسة العذاب النفسي والإحساس بالذنب خاصة عند البنات والنساء، اللائي يفرض المجتمع عليهن قيودًا لا يفرضها على الرجال.