ما هي أسباب برود الزوج الجنسي؟
ماذا تفعل الزوجة حين يتهرّب زوجها من العلاقة الجنسيّة متعذّراً بالعمل أو التعب؟ أو حين لا يُظهِر لها الحبّ ولا الإعجاب، ويُشعرها بأنّ العلاقة الزوجيّة الحميمة جريمة أو خطيئة، أو حتّى شرٌّ لا بدّ منه؟
ممّا لا شكّ فيه أنّ برود الزوج الجنسي مسألة يشوبها التوتّر والخوف والخزي. فهي تربك العلاقة الزوجيّة وتجرح الزوجة، التي قد تشعر بخيبة أمل، وبأنّ أنوثتها يُستهان بها، وبأنّها أصبحت مهدورة الكرامة والعاطفة والشباب.
هذه المشاعر طبيعية جدًّاً، يمكن أن تنشأ لدى أيّ امرأة لها قلب وعقل. لكنْ مع الأسف، يختلف واقع أغلبيّة النساء في مجتمعاتنا عن هذه الحقيقة، حيث المعتقدات بالية والعقول نائمة والمشاعر مغيّبة.
البرود الجنسي كلمة فضفاضة، يمكن أن تحمل في طيّاتها ضعف الرغبة أو ضعف الأداء أو حتّى كلاهما. والضعف الجنسي لا يكون في الغالب من اختيار الرجل، فالأخير يُقدِم على العلاقة هنا، لكنّه لا يستطيع إتمامها لضعف الانتصاب؛ أمّا البرود (أو ما يُعرف طبّياً بخفوت الرغبة)، فيعبّر عن عدم إقباله على العلاقة الجنسيّة من البداية.
عوامل مؤثّرة
قد يكون الزوج صادقاً عندما يقول إنّه تعب أو مشغول- وقد لا يكون ذلك أبداً. فالعلاقة الحميمة بين الرجل والمرأة علاقة خاصّة جدّاً، تتأثّر بالعوامل النفسيّة والعضويّة والاجتماعيّة التي تحيطها من كلّ ناحية.
أسباب المشاكل الجنسيّة عند الرجال متعلّقة بمعظمها بكمّية إفراز هرمون الذكورة (التستوستيرون)، من ناحية، وباستجابة الأنسجة الانتصابيّة في العضو الذكري له، من ناحية أخرى. فإذا انخفض مستوى التستوستيرون، تقلّ الرغبة والإثارة عند الزوج.
كذلك إذا قلّت استجابة أنسجة العضو الذكري لهذا الهرمون، يمكن أن يحدث إخفاق أو ضعف في الانتصاب، ما قد يؤدّي إلى برود الرجل بشكل عام، فيَقيه من الوقوع في موقف حرج.
الأمراض العضويّة، كالسمنة والسكّر وخلل الغدّة الدرقيّة، كما واستخدام بعض الأدوية كتلك الخاصّة بعلاج الضغط أو مضادّات الإكتئاب، عوامل قد تسبّب خللاً في كمّية التستوستيرون أو في القدرة على الاستجابه له، وبالتالي ضعفاً في الرغبة أو الأداء.
الأسباب النفسيّة لهذه المشكلة كثيرة ومتشعّبة. فالعلاقة الجنسيّة تتأثّر إلى حدّ بعيد بالسيناريو الذي عاشه الرجل في طفولته وشبابه، والذي ينتقل معه بعد ذلك إلى منزله الزوجيّ.
كما يمكن للتربية الخاطئة على اعتبار أنّ الجنس حرام، وأنّه مرادف للرذيلة والذنب والعيب، أن تؤثّر على حياة الرجل الجنسيّة وعلى إقباله على زوجته.
الأوّل في حياة زوجته
يجب أن ندرك أيضاً أنّ الرجل بطبيعته طمّاع إلى حدّ ما، وله احتياجات فطريّة يحقّق من خلالها ذاته. فتقدير زوجته وثناؤها عليه يشعرانه بأنّه سيّد الموقف، الذي له اليد العليا على كلّ شيء، وأنّه الأفضل والأعلى شأناً. وهو، في الوقت نفسه، طفل كبير،يريد أن يأخذ حقوقه قبل أيّ شخص آخر، وأن يحتلّ المكانة الأولى في حياة زوجته؛
وإذا لم يستطع تحقيق ذاته بالطريقة التي يرغب فيها، قد ينعكس ذلك على علاقته الحميمة مع زوجته.
من جهة أخرى، قد لا يكون الجنس من أولويّات الزوج، عندما يكون مشغولاً بأشياء أخرى، أو غير راغب في زوجته، كونه تزوّجها لأسباب اجتماعيّة أو ما شابه.
علاج المشكلة هنا يكون بالتفاعل والتواصل بين الرجل وزوجته، سواء أثناء العلاقة الحميمة، أو خارجها؛ كما ويكون بإيجاد حلول لمشاكل العلاقة الزوجيّة، لأنّ الجنس جزء من كلّ، فلا يمكن فصله.
دور المرأة
للمرأة دور كبير في حلّ هذه المشكلة، إذ عليها أن تجعل العلاقة الحميمة من صلب أولويّاتها، وأن تؤجّل مواعيدها، لتخرج أو تسافر مع زوجها، وتبتعد عن الروتين. ويجب عليها أيضاً أن تحاول توفير الأجواء المناسبة التي تمهّد للعلاقة الحميمة، وتساعد زوجها على التركيز خلالها على المشاعر والأحاسيس، أكثر منها على الخطوات.
كما وعليها التخلّص من الأفكار العقيمة التي تعتبر الجنس في حياة المرأة مجرّد وسيلة للإنجاب، من دون أيّ لذّة، وأنّه من العيب أو الحرام أن تذهب إلى زوجها وتقول له إنّها ترغب بالقيام بعلاقة حميمة معه. فالرجل يريد أن يشعر بأنّه مرغوب من زوجته، ولا يحبّ أن يراها مجرّد جهاز استقبال لعمليّة ميكانيكيّة،
لا تجديد فيها ولا ابتكار. عليها أن تكون مبادِرة بدورها، بعيداً عن التلميحات التي تجعله يعاند إذا شعر بأنّها تتّهمه في رجولته. والمهمّ هنا ليس ما تقوله الزوجة، بل كيف تقوله.
مسؤوليّة الطرفينالجنس علاقة بين طرفين، أو مؤسّسة مشتركة لكلّ طرف فيها دور عليه أن يعلنه بصراحة ومن دون خجل، ويبيّن من خلاله ما يرضيه وما يريده من الطرف الآخر. لذلك، يجب الاهتمام بالتواصل اللفظي أثناء العلاقة الحميمة، وتذكّر مقولة أنّ "الأذن تعشق قبل العين أحياناً".
كما يجب على الزوجة ألا تدع الأمور تنفلت من بين يديها، وأن تستشير طبيباً اختصاصيّاً إذا استدعى الأمر ذلك.
قد يبدو أنّ ما يُطلب هنا من الزوجة مبالغ فيه، غير أنّ العلاقة الحميمة تحتاج مجهوداً من الطرفين للاستمتاع بها، فهي ليست مسألة فطريّة كلّياً، كما يعتقد الكثيرون