اخلاق الفرد تحدد مكانته في المجتمع
تُعتبر الأخلاق حجر الأساس في بناء المجتمعات فالفرد إذا تمتّع بالأخلاق الحميدة سيلتزم بواجباته تجاه بيئته ومحيطه، وقد كانت الأخلاق الأمر العظيم الذي حثَّ عليه الإسلام وتبنّاه فقال الرسول صلى الله عليه وسلم:
"إنّما بعثت لأُتمّم مكارم الأخلاق" وليس هذا سوى دليل دامغ على أهمية الأخلاق لبناء مجتمعٍ متكامل متصالح مع نفسه، فالبشر تحكمهم غريزتهم من حبِّ الذات والأنانية واتّباع هوى النفس وحبِّ السلطة والسيطرة لتأتي الأخلاق وتهذّبَ هذه الغرائز بما فيه مصلحة المجتمع بأكمله.
إذن نستطيع القول بانَّ الأخلاق هي سرُّ النجاح، نعم هذه هي الحقيقة فالأخلاق سرُّ النجاح على المستوى الفردي والمجتمعي؛ لأنَّ النّاس تميلُ إلى صاحب الخلق الحسن
فإذا كنا على سبيل المثال أمام شخصين يمتلكان الدرجة العلمية نفسها والوظيفة نفسها لكنَّ أحدهما يُقابل النّاس بابتسامة ويقدّم لهم الخدمات والمساعدات ويبذل من أجل ذلك الجهد كما يتحلّى بالصدق والأمانة والألفاظ الحسنة
بينما الآخر يُقابلهم بفظاظة، لا يحبُّ تقديم المساعدة، يكذب ولا يتحلى بالأمانة،
تلقائيًا سوف يتوجه النّاس نحو الشخص الأول وربّما يزكّونه أمام أصدقائهم ومعارفهم وبهذه الطريقة يحصّل الفرد مكانته في المجتمع ويعرف واجباته وحقوقه.
أقسام المجتمع قبل أن نتحدث عن دور الفرد في المجتمع علينا التحدث عن أقسامه ومكوناته فالمجتمع هو اجتماعٌ لعددٍ من النّاس تربطهم وحدة المكان والزمان ويتشاركون بالعادات والتقاليد والأحكام الأخلاقية ويخضعون لقانونٍ واحد يسري على الجميع.
ولو أنَّنا دققنا النظر في المعنى الحقيقي للمجتمع لوجدناه يتجاوز الأشخاص ليمثّل الأفكار والتصرفات وطقوس الحياة ومجالاتها المختلفة سواء أكانت سياسيةً أو ثقافيةً أو اقتصاديةً كما يشمل المؤسسات الفكرية والتّعليمية والحكومية لكنّه في الغالب يتكوّن من عدّة عناصر وهي: الأفراد:
وهم أصغر أجزاء المجتمع وأكثرها تأثيرًا أو كما قلنا سابقًا هم حجر الأساس وهم الذين يعملون على بنائه والنّهوض به أو يعملون على هدمه وسقوطه وذلك يعتمد على حجم أخلاقهم وصلاحهم. المؤسسات:
وهي المباني التي وُجدت لخدمة الأفراد كي يحصلوا من خلالها على حقوقهم ويؤدوا واجباتهم. البيئة:
هي جميع العناصر الحسية وغير الحسية المحيطة بالأفراد من طبيعة وبناء وأفكار وسياسة وطرق، بحيث يؤدي التفاعل معها بالشكل الصحيح إلى استمرار الحياة والنهوض بالمجتمع على أكمل وجه.
دور الأسرة في بناء المجتمع كما أنَّ الفرد هو حجر الأساس في بناء المجتمع فإنَّ الأسرة هي نواته وهي التي تقود الفرد إلى التحلّي بالأخلاق وتعلمه إيّاها منذ الطفولة فالأخلاق هي أمرٌ مكتسب أحيانًا، ولكنَّه مزروعٌ في النفس غالبًا وهنا يأتي دور الوالدين فالطّفل يأتي إلى هذه الحياة صفحةً خاليةً فطرته سويّة وهما من يقودانه نحو الصلاح أو الفساد
فإذا ما كانا قدوةً حسنةً سيتعلَّم منهما الأخلاق الحميدة والتّصرفات اللائقة ويخرج لخدمة المجتمع وبنائه، فعلى الأسرة أن تعي دورها جيدًا وتنشئ أبناءها تنشئةً صالحةً وأن تزرع فيهم حبَّ الخير وشعور الانتماء للمجتمع والبيئة المحيطة بهم. دور الفرد وواجباته في المجتمع تتسمُّ النفس البشرية بالبحث الدَّائم عن حقوقها،
لكنَّ الفرد الصالح صاحبَ الأخلاق يبحث عن واجباته أيضًا ويقوم بها على أكمل وجه، تُقسّم واجبات الفرد تجاه المجتمع غالبًا إلى واجبات قانونيّة، وواجبات عائلية، وواجبات اجتماعية، وواجبات سياسية، وواجبات خُلقية، ومن الأمثلة على هذه الواجبات:
الحفاظ على أمن أفراد المجتمع وسلامتهم وعدم ترويعهم أو التعرُّض لهم بأذى، فكما أنَّ العيش بأمان هو حقٌّ من حقوق الفرد فإنّ ضمان هذا الأمان للآخرين واجبٌ عليه. احترام عادات المجتمع وتقاليده حتى وإن كانت مخالفةً لهواه فإنّها جزءٌ من هذا المجتمع والمساس بها قد يضرُّ تماسكه.
احترام القانون والسلطة العامة والامتثال لأوامرها وعدم التطاول عليها فالخضوع للقانون واجبٌ على كلّ فرد من أفراد المجتمع ومخالفة ذلك قد يعرِّض الشخص للعقاب.
الولاء للأسرة والمنطقة والدولة فالإخلاص صفةٌ من مواصفات الفرد الصالح صاحب الأخلاق الحميدة. تقديم المساعدة دائمًا حتى لو كان بأمورٍ بسيطة مثل المشاركة في التنظيف أو صيانة الممتلكات العامة. احترام حقوق الآخرين والتي هي مطابقة لحقوقه بالأساس.
وهكذا يجب على كلِّ فرد أن يعي الواجبات المنوطة به من صغره سواء من خلال الأسرة أو المدرسة حتى ينضج بالشكل الصحيح الذي يستطيع فيه خدمة مجتمعه وتحقيق المكانة التي يطمح إليها فيه..