ثمرات بر الوالدين في الدنيا والاخرة

البر والإحسان إلى الوالدين من أكثر العبادات التي نادى بها الإسلام، ودعا إليها القرآن الكريم،

وقد جسّدها الأنبياء والصالحون في أعمالهم، ولأنّ الله اعتبر البر والإحسان إلى الوالدين من أهم الأمور التي يمكن أن يفعلها الإنسان في حياته قرَنها بتوحيد الله وعدم الشّرك به،

وهذا دليل على عظمة هذه العبادة ومكانتها عند الله. وكما أنّ طاعة الوالدين من أهمِّ العبادات في الدّين، فإن عصيانهما من أكبر الكبائر، وعقاب العصيان كبير جدًّا في الدنيا والآخرة،

لذلك حذارِ أخي القارئ من سخط الله على العاق الجاحد لوالديه. كيف يمكن أن تبرَّ والديك يكون برّ الوالدين في حياتهما وفي مماتهِما أيضًا، ففي حياتهما يجب أن تتعامل معهما بكامل الخضوع وأن لا ترفض لأيٍّ منهما طلبًا مهما كان،

حتّى أن الله سبحانه وتعالى أرشدنا إلى أنّه إذا كان الطلب فيه معصية فلا تطعهما في هذا، ولكن في المقابل لا ترفض الأمر بطريقة مؤذية، بل ارفضه بكل احترام وتذلّل ووضِّح لهما وجهة نظرك في الأمر من دون أن تبدو وكأنّك تُعلمهم.

إياك وأن يرتفع صوتك في حضرتهم، ولا تحاول في أيِّ حال من الأحوال أن تتظاهر بالمعرفة أكثر منهم حتى لو كنت كذلك، ولا تبخل عليهم بالمال ولا بالنُّصح ولا بالكلمة الطيبة،

فالإنسان مهما علا شأنه، يبقى بانتظار كلمة طيبة من أولاده لتشعره بأن عمله في هذه الحياة لم يذهب هباءً. والبر بعد الممات أيضًا مهم جدًّا، فعمل الإنسان بعد الموت ينقطع،

ولا يبقى إلا الصَّدقات الجارية التي كان يقدِّمها في حياته، وكذلك الأبناء البارِّين الذين يدعون له في صلواتهم، فهذه الدعوات من شأنها أن تخفّف عنه وتقلل من شدة الحساب عليه.

وهذا البر والإحسان إلى الوالدين له الكثير من الآثار والثمرات على الإنسان في حياته الدنيا، وفي الآخرة، ومن هذه الثمرات نذكر ما يلي:

أقسم الله على نفسه أنّه من بر والديه وأحسن إليهما فإنّ موعده بالجنة. البار بوالديه في المراتب العظمى عند الله سبحانه وتعالى، لأنّ البر هو العبادة الأهم بعد الصلاة، حتى أنّه يسبق الجهاد.

النّجاة من كل المصائب والكروب التي تمرُّ في حياة الإنسان فدعاء الوالدين الصّادق والنابع من القلب كفيل بأن يخرجك من المشاكل التي تمر بك مهما كانت. تيسير الأمور كلها،

والنّجاح في الدراسة والعمل؛ لأنّ الله معك، وهو أقوى من كل قوي وأكبر من كل كبير وقد وعدك بالتَّوفيق في حال تعهدت والديك وأحسنت إليهما. بر الوالدين من الأمور التي يتعلّمها الأولاد من والديهم،

فكما تعامل والديك سيعاملك أولادك عندما تكبُر، لذلك يجب أن تنتبه إلى هذه النقطة جيدًا، وتحرص على معاملة والديك بالشكل الذي تريد من أبنائك أن يعاملوك به. كيف أكون بارًّا بوالدَي؟

يجب أن تراعي العمر الذي وصلوا إليه، والفرق في طريقة التَّفكير بين الجيلين، وأن تأخذ بكل نصائحهما وآرائهما حتى ولو لم تعجبك ولا تجعلها محل سخرية أو استهزاء مهما كانت. أطعهما في كل الأمور حتى لو كانت على عكس رغباتك فقد تحملوا من أجلك الكثير، المهم أن لا تتجاوز حدود الله في هذا.

حاول أن تخصِّص وقفًا أو أي صدقة جارية يمكن أن تنفعهُما في حياتهما وبعد موتهِما فهذا العمل سيبقى خالدًا إلى يوم الدّين، وسيبقى يزيد في الحسنات لديهما مهما كانت هذه الصّدقة قليلةً بنظرك،

فإنّ الله سبحانه وتعالى لا يتعامل مع أعمالنا بالإطار البشريِّ الضيق الذي نتعامل نحن فيه. الوالدان كنز كبير بين يديك ربّما كنت لا تعرف قيمته، فدعوة واحدة من أمّك أو أبيك كفيلة بأن تقلب حياتك رأسًا على عقب،

فحاول أن تكون ذاك الابن البار لكي تسعد طوال عمرك، فالبرّ والإحسان ليس مرتبطًا بالدّين فقط، بل هو جزء لا يتجزأ من الفطرة الطبيعية التي جُبلنا عليها.




المقالات ذات صله