لا يرد القضاء إلا الدعاء
كثير من الناس يقولون: ( اللهم إننا لا نسألك رد القضاء ولكن نسألك اللطف فيه )ما الحكم في ذلك جزاكم الله خيرا؟
الجواب :لا نرى الدعاء هذا ، بل نرى أنه محرم ، وأنه أعظم من قول الرسول عليه الصلاة والسلام:
( لا يقل أحدكم اللهم اغفر لي إن شئت اللهم ارحمني إن شئت) (1) ، وذلك لأن الدعاء مما يرد الله به القضاء ،
كما جاء في الحديث : ( لا يرد القضاء إلا الدعاء) (2).
والله عز وجل يقضي الشيء ، ثم يجعل له موانع فيكون قاضيا بالشيء ، وقاضيا بأن هذا الرجل يدعو فيرد القضاء، والذي يرد القضاء هو الله عز وجل، فمثلا الإنسان المريض، هل يقول اللهم إني لا أسألك الشفاء ولكني أسألك أن تهون المرض؟!! لا ، بل يقول: اللهم إنا نسألك الشفاء فيجزم بطلب المحبوب إليه دون أن يقول : يا رب أبق ما أكره لكن الطف بي فيه ، خطأ، هل الله عز وجل إلا أكرم الأكرمين وأجود الأجودين ، وهو القادر على أن يرد عنك ما كان أراده أوّلا بسبب دعائك، فلهذا نحن نرى أن هذه العبارة محرمة، وأن الواجب أن يقول : اللهم إني أسألك أن تعافيني ، أن تشفيني ، أن ترد علي غائبي وما أشبه ذلك ].
انتهى كلامه – رحمه الله تعالى - .
و قال أيضا - رحمه الله- في شرح الأربعين النووية :
وفي هذا المقام يُنكَرُ على من يقولون: (اللهم إني لا أسألك رد القضاء ولكن أسألك اللطف فيه) ، فهذا دعاء بدعي باطل ، فإذا قال: (اللهم إني لا أسألك رد القضاء ولكن أسألك اللطف فيه) ، معناه أنه مستغن ، أي افعل ما شئت ولكن خفف ، وهذا غلط ، فالإنسان يسأل الله عزّ وجل رفع البلاء نهائياً فيقول مثلاً : اللهم عافني ،
اللهم ارزقني ، وما أشبه ذلك.
وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قال " لاَ يَقُلْ أَحَدُكُمُ اللَّهَمَّ اِغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ " .
فقولك: (لا أسألك رد القضاء،ولكن أسألك اللّطف فيه) أشد.
واعلم أن الدعاء قد يرد القضاء،كما جاء في الحديث: " لاً يَرُدُّ القَدَرَ إِلاَّ الدُّعَاءُ " .
وكم من إنسانٍ افتقر غاية الافتقار حتى كاد يهلك ، فإذا دعا أجاب الله دعاءه ، وكم من إنسان مرض حتى أيس من الحياة ، فيدعو فيستجيب الله دعاءه.
قال الله تعالى: ( وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ )الأنبياء:83 .
فذكر حاله يريدُ أنّ اللهَ يكشفُ عنهُ الضُّرَّ ، قال الله تعالى ( فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ )الأنبياءالآية84.