وسائل الثبات على دين الله
وسائل الثبات على دين الله كثيرة، من أهمها وسيلتان
الوسيلة الأولى ــوهي أعظمها على الإطلاق ــ:
*****************************************
التفكر والتدبر والخشوع والبكاء عند تلاوة آيات القرآن الكريم
..
لأن القرآن فيه ذكر عظمة الجبار، وذكر الجنة والنار، وأهوال اليوم الآخر و..، وهذه الحقائق إذا استقرت في القلب قوي وثبت على الإيمان والطاعة؛ فلم تضره فتنة ما دامت السماوات والأرض.
ولذا لما كثرت وثقلت التكاليف على النبي صلى الله عليه وسلم أمره الله بالصلاة وقراءة القرآن بالترتيل الذي هو سبيل التدبر؛ ليكون ذلك له زاداً في الثبات ومانعاً من التراخي والفتور، فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلا قَلِيلا * نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلا * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلا}.
ولذا قال بعد ذلك إشارة إلى سبب هذا الأمر والداعي إليه: {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلا ثَقِيلا} (سورة المزمل: 5).
فالدين تكاليف، وهذه التكاليف بحاجة إلى قوة تحملها، وهذه القوة إنما تستمد من قراءة القرآن بالتدبر والخشوع.
قد تقولين: كلنا نسمع ونقرأ القرآن مرات وكرات؟!!
فأقول: لا أبداً؛ لم نسمع ولم نقرأ القرآن كما أمر الله، فمن المعلـوم المقـرر أن الله ــ سبحانه ــ أنزل كتابه العظيم للتدبر والتذكر، لا لمجرد التلاوة، كما قال تعالى: (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ) (سورة ص: 29) ،(أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) (سورة محمد: 24).
فإن أقبلت بقلبك الطاهر على هذا البحر العذب الزلال ؛ فهذه نصيحتي لك:
خذي الجزأين الأخيرين من القرآن العظيم فقط (تبارك وعمّ)، احفظيها..
تأمليها.. ردديها.. أحبيها كأشد ما يكون الحب.
افهمي معانيها.. عيشي معها.. افرحي لوعدها.. ابكي لوعيدها.
عندئذٍ؛ لو اجتمعت شياطين الإنس والجن على أن يضلوك.. أو يضروك.. أو يخذلـوك.. أو يزعزعوا إيمانك؛ فلن تتحركي شعرة واحدة إلا إلى الأمام.. إلى الرحمن الذي علم القرآن جل وعلا.
أضرب لك مثلاً بالغيبة.
----------------------
فلو تأمل متأمل سورة الهمزة لما وقع في الغيبة قط.
فالله يقول: {وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ} فاللمزة هو المغتاب كما قال ابن عباس رضي الله عنهما، وقد ذكر الله خمسة أنواع من العذاب لهذا الصنف من الناس:
1) أنه لا يسقط سقوطاً في النار كعامة أهلها ــ والعياذ بالله ــ وإنما ينبذ نبذاً، أي يلقى إلقاءً في النار مع إهانة {كَلا لَيُنبَذَنَّ..}.
2) أنها تحطم كل عظم له بعد دخوله {فِي الْحُطَمَةِ}.
3) أنها لا تكتفي حتى تصل إلى قلبه فتحرقه {الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الأَفْئِدَةِ}.
4) أنه توصد عليه جهنم بظلمتها فلا يدخل إليها نور ولا يخرج منها نسم {إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ}.
5) أنه يمدد على أعمدة قد ربط عليها فلا يتحرك بعد ذلك إلا وجهه {فِي عَمَدٍ مُّمَدَّدَةٍ }.
فمن شاء بعد ذلك أن يغتاب فليغتب!!
الوسيلة الثانية:
-------------------
هي ترك الذنوب، ومن ذلك ترك صحبة السوء
ولذا قال الله تعالى: {كَلا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ} (سورة المطففين: 14) ، فكان سبب الران والضلال على القلب وانطفاء نوره وحياته هو كسبهم الذنوب.
وفي الصحيح عن حذيفة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" تعرض الفتن على القلوب كالحصير عودا عودا..
فأي قلب أشربها نكتت فيه نكتة سوداء..
وأي قلب أنكرها نكتت فيه نكتة بيضاء..
حتى تصير على قلبين:
على أبيض مثل الصفا فلا تضره فتنة ما دامت السموات والأرض.
والآخر أسود مربادا كالكوز مجخيا لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا إلا ما أشرب من هواه ".
وكان طبيب القلوب عبد الله بن المبارك يقول:
رأيت الذنوب تميت القلوب..
وقد يورث الذل إدمانها.
وترك الذنوب حياة القلوب..
وخير لنفسك عصيانها.
أما الخشوع في الصلاة؛ فلا خشوع إلا بتدبر للقرآن العظيم، ومع التدبر لا بد أن يكون هناك خشوع، وانظري ــ غير مأمورة ــ كتاب "كيف تخشعين في الصلاة؟" للدكتورة / رقية المحارب.
أخيرا.. هناك عدد من المراجع المفيدة في هذا الباب، منها:
"وسائل الثبات على دين الله " لمحمد المنجد.
"الفتور وعلاجه" للدكتور ناصر العمر.
زادك الله حرصاً.
.............منقوووووووووول للفائدة..........