بعد احتفال سيدة بـ"ضرّتها".. هكذا تعاملت زوجات النبي مع "التعدد"التعدد
احتفلت سعودية مؤخرًا بزواج زوجها من أخرى حيث احتفلت هي وأطفالها وزوجها بزواجه بالثانية، ونشرت الفيديو عبر مواقع التواصل الاجتماعي وكتبت: "هديتي المتواضعة لزوجي بمناسبة زواجه الثاني، حبيت أشاركها معكم لنشر السلام والألفة بين الأسر"..ليست هذه الحالة الأولى من نوعها، فانتشر مؤخرًا دعوات بعض النساء للتعدد وقبولهن أن يتزوج زوجهن بأخرى واحتفالهن بذلك، وعلى الرغم من أن تعدد الزوجات ليس محرمًا،
وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان له عديد من النساء، إلا أن زوجات النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يحتفلن بزواجه بغيرهن، بل على العكس تمامًا، بلغ الأمر أن دبرت زوجات النبي رضي الله عنهن لـ "أسماء الكندية" حتى طلقها رسول الله صلى الله عليه وسلم كما ورد في كتب السير..
كانت زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم يغرن عليه وأشدهن غيرة كانت عائشة رضي الله عنها وأرضاها، وتحمل لنا كتب السنة كثير من الأحاديث والروايات حول ذلك، فعلى الرغم من أن نساء النبي كن خير النساء إلا أن غيرة الزوجة على زوجها صفة أصيلة في المرأة، وأيضًا احتيالها لتكسب قلب زوجها إليها وتصرفه عن أخرى سلوك فطري عاشه الرسول صلى الله عليه وسلم مع زوجاته، وفي السطور التالية نورد بعض من تلك الروايات..
قصة زواج النبي بـ "أسماء الكندية " أجمل أيم العرب
جاء أبوها النعمان بن أبي جون الأسود الكندي يعرضها على النبي ليتزوجها قائلًا: "ألا أزوجك أجمل أيم في العرب؟" وكانت أٍسماء قد تزوجت ابن عم لها وتوفى عنها، فقال أبيها للرسول: "وقد رغبت فيك وحطت إليك" وبالفعل تزوجها الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو مما أثار غيرة زوجاته كثيرًا خاصة عائشة، فورد في عدة روايات أن نساء النبي غرن منها، وقيل تحديدًا عائشة في رواية ابن سعد في الطبقات، فعزمت عائشة وحفصة على أن يجعلا النبي ينفر منها فاتفقن أن يجتمعن بها وينصحنها، فقالت احداهن للأخرى:
اخضبيها أنت وأنا أمشطها، ففعلن، ثم قالت لها إحداهما: "إِنْ أَرَدْتِ أَنْ تَحْظَيْ عِنْدَهُ فَتَعَوَّذِي بِاللَّهِ مِنْهُ إِذَا دَخَلَ عَلَيْكِ فَلَمَّا دَخَلَ وَأَلْقَى السِّتْرَ مَدَّ يَدَهُ إِلَيْهَا فَقَالَتْ : أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ فَقَالَ بِكُمِّهِ عَلَى وَجْهِهِ فَاسْتَتَرَ بِهِ وَقَالَ : عُذْتِ مُعَاذًا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ قَالَ أَبُو أُسَيْدٍ : ثُمَّ خَرَجَ عَلَيَّ ، فَقَالَ :يَا أَبَا أُسَيْدٍ أَلْحِقْهَا بِأَهْلِهَا وَمَتِّعْهَا بِرَازِقِيَّتَيْنِ يَعْنِي كِرْبَاسَتَيْنِ فَكَانَتْ تَقُولُ ادْعُونِي الشَّقِيَّةَ".
وعندما علم النبي صلى الله عليه وسلم بما دفعها لتقول له ذلك فيما بعد وأنها اتبعت نصيحة نساءه، قال: " إنهن صواحب يوسف".
"أكلت مغافير؟" هكذا احتال نساء الرسول على "حفصة"
يروي البخاري في صحيحه عن السيدة عائشة رضي الله عنها كيف غارت من حفصة حين دخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم ومكث وقتًا طويلًا قليلًا أكثر مما يمكث، وعرفت العلة، وهي أن حفصة رضي الله عنها قد أهدي إليها قدر من عسل، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يحب العسل والحلواء، فقالت عائشة: فَقُلْتُ: أَمَا وَاللَّهِ لَنَحْتَالَنَّ لَهُ ، فَقُلْتُ لِسَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ: إِنَّهُ سَيَدْنُو مِنْكِ ، فَإِذَا دَنَا مِنْكِ فَقُولِي: أَكَلْتَ مَغَافِيرَ ، فَإِنَّهُ سَيَقُولُ لَكِ: لاَ ، فَقُولِي لَهُ: مَا هَذِهِ الرِّيحُ الَّتِي أَجِدُ مِنْكَ ، فَإِنَّهُ سَيَقُولُ لَكِ: سَقَتْنِي حَفْصَةُ شَرْبَةَ عَسَلٍ ، فَقُولِي لَهُ: جَرَسَتْ نَحْلُهُ العُرْفُطَ ، وَسَأَقُولُ ذَلِكِ ، وَقُولِي أَنْتِ يَا صَفِيَّةُ ذَاكِ .
والمغافير هي جمع مغفور، وهو صمغ حلو لكن له رائحة كريهة، والعرفط هو شجر يخرج صمغ المغافير، أما معنى جرست نحله العرفط، أي كان غذاء نحل هذا العسل شجر العرفط.
قَالَتْ: تَقُولُ سَوْدَةُ : فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ قَامَ عَلَى البَابِ ، فَأَرَدْتُ أَنْ أُبَادِيَهُ بِمَا أَمَرْتِنِي بِهِ فَرَقًا مِنْكِ ، فَلَمَّا دَنَا مِنْهَا قَالَتْ لَهُ سَوْدَةُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَكَلْتَ مَغَافِيرَ؟ قَالَ: لاَ قَالَتْ: فَمَا هَذِهِ الرِّيحُ الَّتِي أَجِدُ مِنْكَ؟ قَالَ: سَقَتْنِي حَفْصَةُ شَرْبَةَ عَسَلٍ فَقَالَتْ: جَرَسَتْ نَحْلُهُ العُرْفُطَ ، فَلَمَّا دَارَ إِلَيَّ قُلْتُ لَهُ نَحْوَ ذَلِكَ ، فَلَمَّا دَارَ إِلَى صَفِيَّةَ قَالَتْ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ ، فَلَمَّا دَارَ إِلَى حَفْصَةَ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَلاَ أَسْقِيكَ مِنْهُ؟ قَالَ: لاَ حَاجَةَ لِي فِيهِ، قَالَتْ: تَقُولُ سَوْدَةُ: وَاللَّهِ لَقَدْ حَرَمْنَاهُ ، قُلْتُ لَهَا: اسْكُتِي.
"غارت أمكم فكلوا".. حين غارت عائشة فكسرت إناء الطعام
يروي لنا البخاري في صحيحه والنسائي في سننه كيف كسرت عائشة رضي الله عنها إناء الطعام حين كان عندها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأرسلت إحدى أمهات المؤمنين الطعام مع أحد الخدم ليوصله إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فضربت يد الخادم فانكسرت القصعة، ففي حديث أنس الذي أخرجه البخاري: " كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ بَعْضِ نِسَائِهِ ، فَأَرْسَلَتْ إِحْدَى أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِينَ بِصَحْفَةٍ فِيهَا طَعَامٌ ، فَضَرَبَتِ الَّتِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِهَا يَدَ الخَادِمِ ،
فَسَقَطَتِ الصَّحْفَةُ فَانْفَلَقَتْ ، فَجَمَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِلَقَ الصَّحْفَةِ ، ثُمَّ جَعَلَ يَجْمَعُ فِيهَا الطَّعَامَ الَّذِي كَانَ فِي الصَّحْفَةِ ، وَيَقُولُ: غَارَتْ أُمُّكُمْ ، ثُمَّ حَبَسَ الخَادِمَ حَتَّى أُتِيَ بِصَحْفَةٍ مِنْ عِنْدِ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا ، فَدَفَعَ الصَّحْفَةَ الصَّحِيحَةَ إِلَى الَّتِي كُسِرَتْ صَحْفَتُهَا ، وَأَمْسَكَ المَكْسُورَةَ فِي بَيْتِ الَّتِي كَسَرَتْ".
يقول ابن حجر في شرح الحديث في "فتح الباري" أن في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم "غارت أمكم" إشارة إلى عدم مؤاخذة المرأة الغيور بما يصدر منها، لأن عقلها يكون محجوبًا بشدة الغضب الذي أثارته الغيرة، وذكر ما قالته عائشة عن الغيرة: "أَنَّ الْغَيْرَاءَ لَا تُبْصِرُ أَسْفَلَ الْوَادِي مِنْ أَعْلَاهُ".
كانت غيرة نساء النبي صلى الله عليه وسلم من الأمور الطبيعية فلم يكن يخفينها بل كثير من الأحاديث التي تثبت غيرتهن وخاصة عائشة هي روتها بنفسها، ولم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم يستنكر عليهن ذلك، بل حين كسرت عائشة رضي الله عنها إناء الطعام بسبب الغيرة، قال لأصحابه ببساطة "غارت أمكم"، بل كانت تغير من السيدة خديجة رضي الله عنهما رغم أنها لم تكن على قيد الحياة، فقالت:
"ما غرت على أحد من نساء النبي صلى الله عليه وسلم ما غرت على خديجة رضي الله عنها، وما رأتيها قط، ولكن كان يكثر ذكرها، وربما ذبح الشاه ثم يقطعها أعضاء، ثم يبعثها في صدائق خديجة، فربما قلت له: كأن لم يكن في الدنيا إلا خديجة! فيقول: إنها كانت وكانت وكان لي منها ولد"، وكانت السيدة أم سلمة رضي الله عنها أيضًا شديدة الغيرة حتى أنها حين خطبها النبي قالت له ضمن ما قالت: إنني شديدة الغيرة، فقال لها النبي داعيًا: "أَمَّا مَا ذَكَرْتِ مِنَ الْغَيْرَةِ فَسَوْفَ يُذْهِبُهَا اللَّهُ مِنْكِ".