محبطات الأعمال العشرة


محبطات الأعمال العشرة.. احذر الوقوع فيها فتذهب حسناتك هباءً منثورًا

كثيرون سيأتون يوم القيامة بجبال من الأعمال الصالحة ويظنون انها ستكون في ميزان حسناته لكنها تذهب هباء منثورًا لأنهم وقعوا في أخطاء ومعاصي تسببت في إحباط أعمالهم وضياع أجرها وثوابها.

أحصى العلماء-ومنهم الشيخ أبي عبد الرحمن قيس الخياري - 10 من  محبطات الأعمال وحذروا من الوقوع فيها وهي عدة أنواع:

* ومن ذلك ما يبطل جميع الحسنات يقينا ؛ وهي :

1 ـ الردّة بالكفر والشرك ، قال تعالى : (( لئن أشركت ليحبطنّ عملك )) ، وقال : جلّ وعلا : (( ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله )) .

فالردّة إذا مات الإنسان عليها : تحبط جميع أعماله الصّالحة ، عياذا بالله ، لقوله تعالى : (( ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون )) ...

* ومنها أعمال تحبط الحسنات ، وقد يعفو الله فلا تحبطها ، فهي محلّ خطِر ، من ذلك :

2 ـ ترك صلاة العصر ، فعن بريدة قال : قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم : " من ترك صلاة العصر حبط عمله » رواه البخاريّ .

3 ـ التّألّي على الله ، ومعنى التألي على الله : الحلف والجزم على الله تعالى بأنه لا يغفر لفلان أو أنّه يدخله الجنة ، فعن جندب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم « حدث أن رجلا قال: والله لا يغفر الله لفلان، وأن الله تعالى قال: من ذا الذي يتألى عليّ أن لا أغفر لفلان فإني قد غفرت لفلان وأحبطت عملك » رواه مسلم .

4 ـ رفع الصّوت فوق صوت النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أو فوق أحاديثه ، قال تعالى : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ ))  .

والملاحظ في هذه الآية الشريفة أن الله سلب عقل مَن أساء الخطاب معه، فحكم عليه بأنه لا عقل له؛ فقال: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ ﴾ [الحجرات: 4].

وعلى العكس من ذلك، فمَن التزم الأدب معه - صلى الله عليه وسلم - فلهم مغفرة وأجر عظيم، بعد اجتيازهم امتحانهم ونجاحهم فيه؛ قال - تعالى -: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾ [الحجرات: 3].

والذي يقرأ سورة الجمعة، وينهل من معانيها وأنوارها، ولا سيما وهي تتحدث عن أحكام صلاة الجمعة وآدابها؛ يجد أن الله - تبارك وتعالى - ما عاب على صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تركَهم لصلاة الجمعة وخطبتها [2] عند قدوم قافلة التجارة ولهوها، وإنما عاب عليهم تركَهم النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قائمًا، وفي ذلك تنبيه لهذا المقام الشريف عند ربه؛ قال - تعالى -: ﴿ وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ﴾ [الجمعة: 11].

وأكَّد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذا المعنى، وأنهم لو تركوه كلهم وهو قائم؛ لسال بهم الوادي نارًا، فعن جابر بن عبدالله قال: "بينما النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الجمعة إذ قَدِمت عِيرٌ إلى المدينة؛ فابتدرها أصحابُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى لم يبقَ معه إلا اثنا عشر رجلاً، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((والذي نفسي بيده، لو تتابعتم حتى لا يبقى منكم أحدٌ لسال بكم الوادي نارًا؛ فنزلت هذه الآية: ﴿ وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا ﴾ [الجمعة: 11] [3].

5 ـ بيع العينة وهو عند الجمهور أن يشتري الشّيء نسيئة ( إلى أجل ) ثم يبيعه لصاحبه الأوّل نقدًا ( حاضرا ) بأنقص من الثمن الأول ، فعن أبي إسحاق السبيعي عن امرأته العالية قالت: دخلت أنا وأم ولد زيد بن أرقم على عائشة فقالت أم ولد زيد بن أرقم إني بعت غلاما من زيد بثمانمائة درهم إلى العطاء ثم اشتريته منه بستمائة درهم نقدا، فقالت لها: بئس ما اشتريت وبئس ما شريت، أبلغي زيدا أن جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بطل، إلا أن يتوب . رواه أحمد .

* ومن ذلك ما يحبط من الحسنات بحسب مقداره ؛ مثل :

6 ـ الظلم : قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم : « المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا وسب هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دماء هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار » رواه مسلم .

7 ـ والجرأة على انتهاك الحرام في الخلوات ، فعن ثوبان رضي الله عنه قال : قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم : « لأعلمن رجالا من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات كأمثال جبال تهامة بيضاء، فيجعلها الله هباءً منثوراً، قالوا: يا رسول الله! صفهم لنا، جلهم لنا، لئلا نكون منهم ونحن لا ندري، قال: أما إنهم منكم يصلون كما تصلون، ويأخذون من الليل كما تأخذون، إلا أنهم إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها » رواه ابن ماجه .

* ومن المحبطات أمور تحبط العمل الذي تدخله فحسب مثل :

8 ـ الرياء ، قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم : « أَخْوَفُ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمُ الشِّرْكُ الْأَصْغَرُ " . قَالُوا : يَا رَسُوَلَ اللَّهِ وَمَا الشِّرْكُ الْأَصْغَرُ ؟ قَالَ : " الرِّيَاءُ ، يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى لَهُمْ يَوْمَ يُجَازِي الْعِبَادَ بِأَعْمَالِهِمْ : اذْهَبُوا إِلَى الَّذِينَ كُنْتُمْ تُرَاءُونَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا فَانْظُرُوا هَلْ تَجِدُونَ عِنْدَهُمْ خَيْرًا » رواه أحمد .

9 ـ والبدعة ، قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم : « من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو ردّ  » متّفق عليه ، واللّفظ لمسلم .

10 ـ والمنّ بالصّدقة : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى)) .




المقالات ذات صله