مظاهر عدل الله
وردت بعض الآيات عن التي تتحدث عن عدل الله تعالى، ومنها ما يلي[١]: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ۚ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا}[٢]. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ۖ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}[٣].
{وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ ۖ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ ۖ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۖ وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ ۖ وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}[٤]. {وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ }[٥].
مظاهر عدل الله تعالى ظهرت مظاهر عدل الله تعالى في الكثير من الأمور، وفيما يلي بعضها[٦][٧][٨]: لم يجعل الله تعالى العدل قضية اختياريّة بل عدَّها أمرًا إلزاميًّا لا يستقيم الحكم إلا به. جعل الله تعالى دعوة المظلوم من الدعوات المستجابة، قال -صلى الله عليه وسلم-: (دَعْوَةُ الْمَظْلُومِ مُسْتَجَابَةٌ وَإِنْ كَانَ فَاجِرًا؛ فَفُجُورُهُ عَلَى نَفْسِهِ) بغض النظر عن ديانة المظلوم وعقيدته [٩][٧]. عدل الله تعالى قائم دائمًا في الدنيا والآخرة،
ولكن قد تختلف آثاره من شخص لآخر لأنّ عدل الله تعالى لا يكتمل إلاّ في الآخرة، فالمحسن يُمكن أن يموت دون أن يحصد جزاء إحسانه في الدنيا، والمسيء يمكن أن يموت دون أن يُجازى على إساءته، ولكنّ الله سبحانه وتعالى يُجازيهما في الآخرة ولا يُظلم عنده أحد؛ فالدنيا دار عمل، والآخرة دار جزاء[٨].
يدعو الإسلام عند تطبيق حدود الله إلى عدم التفريق بين غني أو فقير، أو ذكر وأنثى، ومثال ذلك المرأة المخزوميّة التي سرقت، وحاول أسامة بن زيت أن يشفع فيها، فغضب النبي صلى الله عليه وسلم وقال: (أتَشْفَعُ في حَدٍّ مِن حُدُودِ اللَّهِ، ثُمَّ قَامَ فَاخْتَطَبَ، ثُمَّ قالَ: إنَّما أهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ، أنَّهُمْ كَانُوا إذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وإذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أقَامُوا عليه الحَدَّ، وايْمُ اللَّهِ لو أنَّ فَاطِمَةَ بنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا) [١٠][٦].
يدعو الإسلام إلى تطبيق قيم العدل حتى مع غير المسلمين؛ فلا يجوز الاعتداء على حقوقهم أو الجور عليهم، فالظلم مُحرّم بكل أشكاله حتى وإنّ اختلفت العقيدة، ونرى ذلك واضحًا في السنة النبويّة الشّريفة، وفي تعامله صلى الله عليه وسلم مع اليهود عند الهجرة إلى المدينة، ومع النصارى في نجران، ويظهر التركيز على هذا الجانب بوضوح من وصيّته صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل قبل ذهابه إلى اليمن التي فيها من اليهود والنصارى،
إذ أوصاه ألا يُلهيه السّلطان والقوّة عن رؤية الحق. عدل الله تعالى في القصاص يوم القيامة حرّم الله سبحانه وتعالى الظلم على نفسه وجعله محرّمًا بين عباده، وتتجلّى مظاهر عدل الله تعالى في القصاص يوم القيامة بما يلي[١١]: يقتّص المسلم المظلوم حقّه يوم القيامة، سواءً كان من ظلمة مُسلمًا أو كافرًا،
أو كان إنسيًّا أو جنيًّا. يقتّص الكافر المظلوم حقّه سواء كان مؤتمنًا أو معاهدًا أو ذميًا يوم القيامة سواءً كان من ظلمة كافرًا أو مسلمًا، لكن لا يُعدّ المسلم ظالمًا للكافر في حال كان الكافر جندي مُحارب مُعتدي. تقتّص الحيوانات من بعضها، ولكن قصاصها يكون قصاص استحقاق ومقابلة،
لأنّها غير مُكلّفة مثل البشر، والحكمة من ذلك ليكتمل عدل الله، وحتى يعلم البشر أنّ الحقوق لا تضيع، قال صلى الله عليه وسلم: (لَتُؤَدُّنَّ الْحُقُوقَ إِلَى أَهْلِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُقَادَ لِلشَّاةِ الْجَلْحَاءِ مِنْ الشَّاةِ الْقَرْنَاءِ)[١٢].