رخصة الإفطار في رمضان :

لقد شرع الله الصوم للمسلم القادر البالغ المعافى في جسمه ، كما رخص بالإفطار في حالات معينة رحمة بالعباد , ورفعا للمشقة والعنت عنهم . قال تعالى : بسم الله الرحمن الرحيم (( فمن كان منكم مريضا او على سفر فعدة من ايام اخر )) وقال (( وعلى الذين يطيقونة فدية طعام مسكين )) البقرة : 184. وأهل الرخص هم :

1- المرضى : فمن كان مريضا اليوم ويرجو الشفاء غدا فله أن يفطر على أن يعوض في أيام أخر ..

2- المسافرون : فمن سافر سفرا مشروعا وتجاوزت مسافته مسافة قصر الصلاة فله أن يفطر حتى ولو لم تتحقق المشقة ... رخصة من الله ( إن الله يحب ان تؤتى رخصه كما يحب ان تؤتى عزائمه ) ...

3- كبار السن : الذين ذوت منهم الأجساد وضعفت قابليتهم على الهضم والتمثيل ويحتاجون إلى وجبات صغيرة ومتقاربة لا تسبب لهم عسر الهضم ولا انحطاط القدرة كما لو كان الوقت طويلا في الصوم فهؤلاء يدخلون في قوله تعالى ( يطيقونة ) أي : لا يطيقون الصوم أو يطيقونه بصعوبة بالغة .. فلهم أن يفطروا على أن يدفعوا الفدية وهي إطعام مسكين عن كل يوم إفطار ..

4- المصابون بأمراض مزمنة : يتأخر شفاؤها وتطول فترة علاجها كـ: قرحة المعدة والاثني عشري , والتهابات المعدة المزمنة , وتقرحات القولون , او مرضى القلب , وارتفاع الضغط الدموي ، أو مرضى السكر ، ومرضى الكلى , الذين يضطرون لتناول حبوب العلاج في أوقاتها المحددة وبشكل متكرر .. فهؤلاء جميعا يدخلون أيضا في قوله تعالى (( يطيقونه )) أي : لا يطيقون الصوم .. إما لحاجتهم لوجبات خفيفة من الطعام غير المرهقة للمعدة والقولون كمرضى المعدة والقولون .. أو حاجتهم لشرب السوائل بصورة متكررة كمرضى الكلى والسكري , أو حاجتهم لتناول العلاج بصورة منضبطة كمرضى القلب وارتفاع الضغط الدموي ومرضى الصرع .. ولهؤلاء جميعا فقد رخص الله بالإفطار وإطعام مسكين عن كل يوم لكون أمراضهم مزمنة ولا يرجى برؤها في المدى المنظور .

5- المرأة الحامل والمرضع : يصعب على المرأة الحامل أو المرضع الصوم لحاجة الجنين والرضيع إلى مواد غذائية من مصدره الوحيد وهي الأم ، فصيام الأم مع حملها أو إرضاعها لوليدها يرهقها ويضعف من صحتها , ويصيبها بنقص كبير في بعض المواد الضرورية لها ولطفلها مثل ( الحديد والكالسيوم وبعض الفيتامينات الضرورية ) ،كما يقل الحليب للطفل قطعاً ، ولذلك فقد رخّص لها الشرع بالإفطار ...

ويبقى السؤال المهم الذي تنتظره ملايين الأمهات هو : هل يجب على المرأة قضاء ما أفطرته بعد رمضان ، أم تكفيها الفدية ...!!!؟

وللإجابة على هذا التساؤل المهم أرى أن تتضافر آراء الأطباء المسلمين والفقهاء ، وأنا أرى من الوجهة الطبية أن الأم التي تحمل بصورة متكررة – كما هي حال الكثير من نسائنا الشرقيات – فهي إما حامل أو مرضع ، وقد تستمر على ذلك لسنين طويلة ، فهذه لها أن تفطر وتطعم عن كل يوم مسكيناً ، لأنها والحالة هذه مظنّة أن لا تستطيع الصوم بسبب حملها وإرضاعها ، وقد لا يمهلها القدر لتعوّض كل هذه الأشهر التي تتراكم عليها ، وبذلك يكون حكمها كحكم أصحاب الأعذار المزمنة التي لا يرجى برؤها .

6- المجاهدون في سبيل الله : من الأصناف التي رخّص الله لها بالإفطار في رمضان هم المجاهدون في سبيل الله ، الذين يدافعون عن حمى الأوطان وحرمات المسلمين ، لأن صيامهم يعتبر مِرقّة لأجسامهم ، وإضعافاً لهم عن أداء واجباتهم المقدّسة في قتال العدو والسهر على حماية الأوطان ، ويجب أن لا يشعر المجاهد بأي حرج من الإفطار ، لأن ما هم فيه من جهاد أفضل بآلاف المرّات من الصوم وغيره ، فلقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ( موقف ساعة في سبيل الله خير من قيام ليلة القدر عند الحجر الأسود ) . كما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه أفطر في غزواته في رمضان ، وأمر أصحابه بالإفطار ... حتى أنه كثيراً ما كان يقول ( ذهب المفطرون بالأجر ) أو ( ذهب المفطرون باليوم الآخر ) وذلك لما كانوا يبذلونه من جهد ، ويتحملون من الأعباء عنهم وعن إخوانهم الذين كانوا يصرّون على الصوم والجهاد .




المقالات ذات صله