لماذا لم يخبر النبي يوسف أخوته بشخصيته عندما وجده
لماذا لم يُخبر النبي يوسف إخوته بشخصيته عندما وجدهم قادمين إليه في مصر؟لماذا لم يُخبر النبي يوسف أخوته بشخصيته عندما وجده
من أجمل قصص القرآن عامة، وقصص الأنبياء خاصة، قصة سيدنا يوسف عليه السلام، التي تحدث عنها القرآن الكريم في سورةٍ كاملةٍ، وهي سورة (يوسف) حيث تظهر فيها عناية الله تعالى ورعايته لعباده الصالحين، وحكمة الله تعالى في جميع الأمور.
في لقائها عبر برنامج "قلوب عامرة" روت الدكتورة نادية عمارة، الداعية الإسلامية، قصة نبي الله يوسف، وأجابت على سؤال: لماذا لم يُخبر النبي يوسف أخوته بشخصيته عندما وجدهم قادمين إليه في مصر؟.
لقاء يوسف عليه السلام بإخوته في سنين الجدب
وفي أحد الأيام أثناء توزيع الطعام على الناس جاء إخوة يوسف ليأخذوا حظهم من الطعام كبقية الناس، فرآهم يوسف وتعرف عليهم دون أن يستطيعوا هم معرفته لكبره وتغير ملامحه. اشترط يوسف على إخوته أن يأتوا بأخيهم الذي بقي عند والدهم؛ كي يزودهم بما يحتاجونه من الطعام {وَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ أَلا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَا خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي وَلا تَقْرَبُونِ}.
فأخبروه أنهم سيحاولون ذلك لكنهم في داخلهم يعلمون مكانة أخوهم عند والدهم وأن ذلك ليس بالأمر اليسير بالنسبة لوالدهم وخاصة بعد أن فقد يوسف المحبب إلى قلبه، وقبل أن يعودوا إلى بلدهم أمر يوسف جنوده بوضع البضاعة التي أحضرها إخوته ليستبدلوا بها القمح والعلف.
وعندما عاد إخوة يوسف إلى والدهم أخبروه بالقصة وبالشرط الذي اشترطه يوسف عليهم، ووعدوه بأن يحافظوا على أخيهم، لكن يعقوب عليه السلام خاف منهم أن ينكثوا بوعدهم كما فعلوا عندما أرسل معهم يوسف للصيد فرفض ذلك: {قَالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلاَّ كَمَا أَمِنتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِن قَبْلُ فَاللّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ}. وعندما فتح الإخوة أمتعتهم وجدوا بضاعتهم التي ذهبوا بها إلى يوسف ليبدلها لهم بأنها مازالت لديهم، فأخبروا والدهم أن بضاعتهم ردت إليهم، وأخذوا يحاولون إقناعه بأن في إرساله لأخيهم مصلحتهم في الحصول على الطعام وزيادة الكيل.
وفي النهاية وافق والدهم على ذلك شريطة أن يحافظوا عليه بعد أن يُعطوه القسم على ذلك، ثم أمرهم ألا يدخلوا جميعهم – وهم أحد عشر رجلاً – من بابٍ واحدٍ، ولكن من أبوابٍ عديدة.
لقاء يوسف بأخيه بنيامين وحادثة السقاية
نفّذ الإخوة وصية والدهم لهم ودخلوا مصر من أبوابٍ متفرقة، وعندما وصلوا إلى يوسف، أخذ يوسف أخيهم الصغير الذي جاؤوا به، وجلس معه بمفردهم وأخبره بقصته مع أخوته ومكيدتهم له. ثم وزن يوسف البضاعة لإخوته، فلما استعدوا للعودة إلى بلادهم، طلب يوسف من فتيانه بوضع السقاية (إناء كان يُكال به) في رحل أخيه الصغير.
وعندما بدأت القافلة في الرحيل إذا بمناد ينادي ويشير إلى إخوة يوسف: {فَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ}. فتساءلوا عن سبب هذا الاتهام لهم {ماذا تفقدون}؟ قال الجنود: {نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ}، ولمن جاء بها سنعطيه حمل بعير من الغلال.
فاستنكر إخوة يوسف هذا الاتهام الموجه لهم، فهم لم يأتوا للسرقة بل جاؤوا لطلب الطعام. قال الحراس (وكان يوسف قد وجههم لما يقولونه): ما هو الجزاء الذي ترغبون به إن ظهر أنكم أنتم من سرقتم؟ قال إخوة يوسف: في شريعتنا نعتبر من سرق عبدًا لمن سرقه. وبدأ التفتيش، فأمر يوسف جنوده بتفتيش أوعية إخوته فلم يجدوا شيئًا ثم فتشوا وعاء أخيه فوجدوا فيه إناء الكيل. فتبرأ الأخوة من أخيهم وفعلته وقالوا: {قَالُواْ إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ}. فحزن يوسف على ما سمعه من اتهامهم له أيضًا بالسرقة، وقال في نفسه: {أَنتُمْ شَرٌّ مَّكَانًا وَاللّهُ أَعْلَمْ بِمَا تَصِفُونَ} لأنهم يتهمونه وأخوه ظلمًا وزورًا. لكنهم أخذوا يترجّون يوسف بأن يُعيد لهم أخوهم أو أن يأخذ أحدهم بدلاً عنه، ذلك أنه كانوا قد وعدوا أبيهم بأن يحافظوا على أخيهم، لكن يوسف رفض وقال: {قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلاَّ مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ إِنَّا إِذًا لَظَالِمُونَ}.