عيد الأم عبر التاريخ


عيد الأم عبر التاريخ: من مصر القديمة إلى العصور الحديثة

هناك اعتقاد عام بأن تقليد الاحتفال بعيد الأم قد بدأ في الغرب، منحدراً عن احتفالات الربيع لدى الإغريق والرومان للاحتفاء بالإلهات الأمهات، أو يوم أحد الأمومة Mothering Sunday ، الذي يأتي قبل عيد الفصح بثلاثة أسابيع، لدى مسيحيين أوروبا منذ عام 1600. ولكن في الواقع، بدأت أول احتفالات بعيد الأم هنا في مصر الفرعونية.

أقام القدماء المصريين احتفالاً سنوياً لتكريم الإلهة إيزيس، وهي من أكثر الإلهات المحبوبة وتحملاً وصبراً في مصر القديمة والتي كانت رمزاً للأم والزوجة المثالية، وكانت راعية الطبيعة والسحر. وفقاً إلى الميثولوجيا أو علم الأساطير، كانت إيزيس زوجة أوزوريس وأخته أيضاً.

وحينما قام أخاهما الغيور ست بقتل أوزوريس، قامت إيزيس بجمع أشلاء جسد أوزوريس، والتي تم توزيعها على أقاليم مصر. ثم أصبحت حاملاً بابن أوزوريس، حورس، الذي انتقم لموت أبيه وقتل ست ليصبح أول حاكم لمصر. ونتيجة لذلك، اعتبرت إيزيس أم للملوك الفراعنة وأصبحت رمزاً للأمومة، وتم إقامة احتفالاً سنوياً تكريماً لها.

في البداية، كان يتم تصوير إيزيس وهي تضع تاج لعرش خالي على رأسها، تجسيداً لسلطة وقوة الفرعون. وفيما بعد، أصبحت تصور بتاج لديه قرني بقرة بينهما قرص الشمس أو إلهة مجنحة، وهو رمزاً على الحماية والقدرة على بعث الحياة في الموتى. وفي المملكة الجديدة، بعض الرسوم أظهرت إيزيس ترضع ابنها حورس.

وفي العصر اليوناني، أدخل بطليموس الأول عبادة الإلهة إيزيس حتى يكون لكل من المصريين واليونانيين إله رئيسي واحد داخل مملكته، والتي انتشرت في مصر الحديثة. وقد اقترن اسم إيزيس بالإلهات ديميتر، وعشتروت، وأفروديت مما عزز ارتباط اسمها بالخصوبة والأنوثة.

اشترك الإغريق القدامى في مراسم الاحتفال بالربيع لتكريم ريا، أم زيوس وأم جميع الآلهة، بتقديم كعكات العسل، والمشروبات الفاخرة، والورود والأزهار مع بزوغ الفجر. أما مهرجان هيلاريا الروماني، فقد كان احتفالاً بالاعتدال الربيعي لتكريم سيبيل، أم الآلهة، التي تُعرف أيضاً بماجنا ماتر أو الأم العظيمة.

ثم انتهى المطاف بالتحول من الاحتفالات الدينية بالأمومة إلى الاحتفال بالأشخاص أنفسهم. ففي المملكة المتحدة، أصبح يوم أحد الأمومة Mothering Sunday ، وهو الأحد الرابع من الصوم الكبير عند المسيحيين، عيداً غير دينياً حيث يأخذ الأبناء إجازة لزيارة أمهاتهم.

ويعود فضل الاحتفال بعيد الأم في الولايات المتحدة الأمريكية إلى آنا جارفيز، التي نادت بجعل هذا اليوم إجازة رسمية لتكريم الأمهات على التضحيات اللاتي يقمن بها. مستوحاة من حلم أمها الراحلة بوجود يوم يكرم الأمهات جميعاً، احتفلت جارفيز، الناشطة الاجتماعية،

بأول عيد أم في عام 1908 في شكل حفل تأبين لأمها بكنيسة Methodist Church بولاية فيرجينيا الغربية. وفي عام 1914، نجحت جارفيز وداعميها في جعل هذا اليوم إجازة قومية في الأحد الثاني من شهر مايو.

واليوم، يتم الاحتفال بعيد الأم في جميع أنحاء العالم، عادة في شهري مارس أو مايو. وتختلف مظاهر الاحتفال نفسها من دولة لأخرى، ولكن، يعتبر منح الهدايا والزهور، أو الطبخ للأمهات للتعبير عن الشكر والامتنان لهن موجوداً في كل مكان.

أما الاحتفال بعيد الأم في العالم العربي تعود جذوره إلى مصر. فقد أتت الفكرة على يد الصحفي المصري الرائد مصطفى أمين، الذي عمل كمدرس لمادة الصحافة بالجامعة الأمريكية بالقاهرة لمدة أربع سنوات، والذي قام بطرحها في مصر. يُقال أن أمين استوحى الفكرة من التقليد الأمريكي وقدمها للجمهور المصري في كتابه أمريكا الضاحكة أو Smiling America في عام 1943.

فقد رأى أمين مدى التضحيات التي تقدمها الأمهات لأجل أولادهم دون ذكر، فأراد أن يتم تخصيص يوم للأم يكون بمثابة يوم لرد الجميل وتذكير بفضلها وشن حملة لجعل عيد الأم إجازة رسمية في مصر. وفي عام 1956، نجح أمين في مساعيه وتم الاحتفال بأول عيد أم في مصر، في أول يوم في فصل الربيع، الذي سرعان ما انتشر في بقية دول المنطقة العربية.


بحث مفصل



المقالات ذات صله