اصول لعبة الورق او الكوتشينة
هل تساءلت يوماً عن أصول لعبة الورق المسماة بالشدَّة أو الكوتشينة؟ من قرر أن يكون عددها 52 ورقة وبهذا الترتيب والنقشات؟ هل تحمل في خباياها بعض المعاني أم أنها مجرد رسوم من وحي الخيال؟
نتعرف في هذا التقرير على الإجابة وتاريخ هذه الأوراق التي تعتبر أدوات سهرات ممتعة مع الأصدقاء، وساحة تنافس شرسة بين الشركاء!
ما أصول لعبة الورق؟ وكيف انتشرت؟
بدأت ألعاب الورق في الصين، فقد جاءت الإشارة الأولى لها بالأدب الصيني في القرن العاشر، ولكن دون الإشارة إلى علاماتها أو الألعاب التي تُلعب بها.
ثم ظهرت أوراق اللعب لدى العرب في أيام المماليك حينما أتى بها التجار إلى مصر، ومنها انتقلت إلى أوروبا في سبعينيات القرن الرابع عشر، وانطلقت أوروبياً من إيطاليا أو إسبانيا.
كانت الأوراق الأصلية المرسومة باليد سلعاً فاخرة للأثرياء، ثم انتشرت البطاقات تدريجياً على طول طرق التجارة الأوروبية الداخلية خلال القرن الخامس عشر، باعتبارها هواية مفضلة لدى الطبقة الأرستقراطية.
أدى اختراع الطابعة الخشبية لغوتنبرغ في أوائل القرن الخامس عشر، إلى انخفاض كبير في تكلفة الإنتاج، التي تم تخفيضها بشكل أكبر في فرنسا بثمانينيات القرن الخامس عشر، من خلال الطلاء عبر الإستنسل (التلوين عبر الأسطح المفرغة).
بهذه الطريقة في الطباعة، صممت فرنسا أشكالاً مبسطة مميّزة للعلامات على ورق اللعب، والمعروفة حالياً برمز القلب ♥، والألماس ♦، وجاروف البستوني ♠، وورقة النبات الثلاثية ♣.
تصميم الورق وأسماء الرموز
تتكون أوراق اللعب من 52 ورقة مقسمة إلى أربع مجموعات، كل منها تحتوي على 13 رتبة، بحيث يمكن تعريف كل ورقة برمزها ورتبتها، فلا توجد ورقتان متشابهتان.
تحمل الأوراق -كما ذكرنا- أربعة رموز، وهي القلب ♥ (أو الكُبّة)، والألماس ♦ (أو الديناري)، وجاروف البستوني ♠، وورقة النبات الثلاثية ♣ (أو السباتي).
وتكون الأوراق التي تحمل رمزَي القلب والألماس ملوَّنة باللون الأحمر، في حين أن الأوراق التي تحمل الرمزين الآخرين ملونة باللون الأسود.
أما الرتب فهي تشمل الأرقام من 1 إلى 10، أما الأرقام 11 و12 و13 فتكون مكتوبة بالحروف J وQ وK.
في بداية صنع الورق كانت الرموز الأصلية للمماليك هي السيوف والعصي والكؤوس والنقود الذهبية، ولكن مع انتشارها بأوروبا في القرن الخامس عشر، غيَّرها الإسبان والإيطاليون إلى سيوف وعصي وفناجين وعملات معدنية.
وضع الألمان رموز البلوط وأوراق الشجر والقلوب والأجراس، في حين يعود الفضل بالرموز الحالية إلى الفرنسيين.
كذلك، كانت الشخصيات الملكية على الأحرف J وQ وK مرسومة بمظهر طولي، ولكنها تغيرت فيما بعد إلى صورة مزدوجة الرأس.
هل هناك معانٍ خفية خلف تلك الرموز؟
واحد من أروع الأشياء عن لعب الورق هو تنوعها المدهش. على مر القرون، كانت هناك آلاف من التصميمات والاختلافات من حيث الألوان والرموز والشخصيات، كما كانت أوراقُ اللعب تعكس دائماً الثقافات التي تنتمي إليها.
فقد اقترح بعض المؤرخين أن الرموز في سطح أوراق اللعب كانت تهدف إلى تمثيل الطبقات الأربع بمجتمع العصور الوسطى.
قد تشير الكؤوس التي تحولت فيما بعد إلى قلوب، إلى رجال الدين.
أما السيوف (جاروف البستوني فيما بعد)، فهو إشارة إلى النبلاء أو العسكريين، في حين أشارت العملات المعدنية (الألماس) للتجار، والهراوات (ورقة النبات) للفلاحين.
ولكن، نظراً إلى اختلاف تلك الرموز من بلد إلى آخر، يرى بعض المختصين في الفلكلور أن هذه الرسوم على البطاقات لم تكن مخططة بشكل منطقي، وإنما كانت انعكاساً لذوق النبلاء والأثرياء واهتماماتهم، فالأسر الثرية -كما ذكرنا- هي التي كانت تستخدمها في البداية.
لماذا تتكون أوراق اللعب من 52 ورقة؟
هناك عديد من النظريات التي تقف وراء ذلك، والتي لم يثبت أي منها، لكنها مع ذلك مثيرة للاهتمام.
تمثل الرموز الأربعة الفصول الأربعة، في حين تمثل 52 ورقة 52 أسبوعاً في السنة.
أما البطاقات الـ13 في الرمز الواحد، فهي إشارة إلى 13 دورة قمرية.
كذلك، فإن عدد أوراق الملوك والملكات 12 ورقة، وهو ما يشير إلى عدد شهور السنة.
من هُم الملوك الأربعة على الورق؟
بالنسبة للملوك الأربعة الذين يظهرون على ورق حرف K، فظلوا كما هم دون تغيير، وهُم الملك تشارلمان أو قارلة على ورقة رمز القلب، والنبي داود ثاني ملوك إسرائيل على رمز جاروف البستوني، ويوليوس قيصر على ورقة الألماس، في حين أن الإسكندر الأكبر على رمز ورقة النبات.
أما الملكات على الورق Q، فهن الإلهة بالاس أثينا على رمز ورقة النبات، وراحيل زوجة النبي يعقوب ملكة الألماس، والبطلة يهوديت ملكة القلوب، والملكة اللاتينية آرجين ملكة جاروف البستوني.
عندما رسم الإسبان الورق، أزالوا الملكات ورسموا الفرسان، في حين استبعدهم الألمان تماماً، وأعاد الفرنسيون إدخال الملكات مرة أخرى كما نعرفها في يومنا هذا.
في مصر تُعرف لعبة الورق بالـ «كوتشينة»، وهي تصحيف للكلمة الإيطالية «Cartoncini» وتُنطق «كرتونشيني»، وتعني لعبة (البطاقات).
ومن أشهر الألعاب في الدول العربية: إستميشن، وباصرة، وطرنيب، وسبعة الكومي، وليخة، وتريكس، و14، و400، وغيرها الكثير.