الثعلب محمد فراج نفحة من روح عمالقة الفن

زينب عبداللاه تكتب: الثعلب محمد فراج نفحة من روح عمالقة الفن
ينتمى إلى هؤلاء الذين يستطيعون أن يصلوا إلى قمة النجومية دون أن تكتب أسمائهم فى بداية التترات، ودون أن يحصلوا على أدوار البطولة، هؤلاء الذين بإمكانهم أن يخطفوا الأضواء ويسرقوا الكاميرات والعيون ولو ظهروا من خرم إبرة،
ومهما صغرت مساحة أدوارهم، هؤلاء الذين لديهم فيض من القدرات والمشاعريؤهلهم للقيام بأى دور، ثعالب التمثيل الذين لا يسمحون للمخرجين بحصرهم فى نوعية معينة من الأدوار.
محمد فراج ثعلب من هؤلاء الثعالب، طاقة فنية هائلة، يحمل مخزونا من المشاعرالإنسانية يفيض به على كل شخصية يؤديها فلا تملك إلا أن تصدقه، ربما أكسبته نشأته فى منطقة مصر القديمة جزءا من هذا التكوين الذى جعله خبيرا معجونا بالمشاعرالإنسانية، وحكايات البشر وتجاربهم.
فى كل مرة يظهر فيها محمد فراج على الشاشة يستطيع أن يفرض نفسه بقوة موهبته، أن ينبئ منذ بداياته بأنه فنان مختلف، يحمل نفحات من روح جيل عمالقة الفن وصفاتهم وعبقريتهم، يذوب فى الشخصية التى يؤديها يتقمصها يعيش مشاعرها وأحاسيسها فيجبرك على تصديقه.
يرعبك وأن ترى شخصية سونى ابن المنطقة الشعبية "الهاك" الذى يتلصص على هواتف النساء بكل ما يحمله من شر، تتصاعد دقات قلبك وأن تراه مجسدا شخصية "آدم" بكل ما يحمله من سادية وهو يقتل ضحاياه بدم بارد فى مسلسل" قابيل"،
يربك مشاعرك فلا تعرف هل تتعاطف معه أم تكرهه فى مسلسل" تحت السيطرة" حين جسد شخصية على الروبى الشاب المدمن الذى وصل إلى أقصى درجات الانهيار والضعف فترك زوجته ليغتصبها تاجر المخدرات مقابل جرعة مخدر.
ينقلك محمد فراج فى كل مرة تراه فيها إلى منطقة أخرى من مناطق ومساحات الإبداع، يفاجئك بفيض المشاعر الإنسانية الذى يحمله "على بحر" الفنان الصعلوك فى مسلسل "أهو ده اللى صار"،

وباقتدار تام يجسد الحكمة والحب والتهور والحنان، الوطنية والحنين والاشتياق، يجمع بين مشاعر الشاب المراهق والكهل المحب.
لا تصدق أنه هو ذات الشخص الذى جسد شخصية "رجب الفرخ" الشاب المتشرد المتسول الذى ولد وتربى فى الشارع، توقف فراج عن حلاقة شعره لأكثر من عام واستدعى كل صورأولاد الشوارع الذين رآهم فى حياته.
يذكرك فراج بعظماء بحجم عبدالوارث عسروشفيق نور الدين، وصلاح منصور، ومحمود مرسى، وأحمد زكى، ويحمل لك نفحات من أرواحهم، فيمنحك جرعات مكثفة من الإبداع حتى وإن ظهر فى مشهد واحد.
يكفيه مشاهد قليلة حتى يخطف الأنظارويلفت الانتباه، ويستطيع أن يكون نجما حتى وإن لم يكن البطل الأول للعمل، هكذا هو الفنان القدير المتمكن يبهرك حتى فى المساحات الصغيرة.
خطف فراج الأنظار ولمس القلوب وعبر عن صفات ومشاعر الجندى الصعيدى السوهاجى فى فيلم " الممر"، بفطرته الطيبة ورومانسيته الشديدة التى يخفيها خلف هيئته الخشنة، بكل ما يحمله من صدق وشجاعة يتحدى بها عدوه ولا يترك ثأره حتى وإن خسر جولة، فخرج الجميع من الفيلم وهم يحفظون كلمات العسكرى هلال :

" يافندم مش مهم أوقع طيارة ولا اتنين، المهم ان اللي في الطيارة شافني وانا واقف قدامه ماخايفش وهايروح يقول لزملاته ان المصريين مش جبنا واقفين مستنيينا ومش هايبيننا ،علمونا في الصعيد أنك تقف لغريمك عينك في عينه وماتهربش منيه" ،" الريح لما بتشد بتقلع الشجرالصغير من جذوره ومش بيقفلها غيرالنخل العفي"
ربما منحته الصعاب التى واجهها ومنها رفض أسرته فى البداية لعمله بالفن إصرارا على النجاح وإثبات الذات، فراج الابن الأكبر لأسرة متوسطة مثل غالبية الأسرالمصرية التى تهتم بتعليم أبنائها وتخشى عليهم من هواية يرونها قد تفسد مستقبلهم وتعطل دراستهم ، لذلك شعرت الأسرة بالصدمة حين قرر بعد الثانوية العامة الالتحاق بمعهد السينما،


فلم يكمل دراسته بالمعهد و التحق بكلية التجارة ولكنه لم يترك حلمه، وشارك في المسرح الجامعي.
قرر فراج أن يتخذ خطوات أكثر جدية حتى يثقل موهبته فالتحق بورشة خالد جلال بمركزالإبداع ،ليتخرج ضمن مجموعة من الشباب الذي قدموا عرض "قهوة سادة" الذى حقق نجاحا كبيرا.
شارك بأدوار صغيرة فى عدد من الأعمال ومنها فيلم "أوعى وشك" "الرهينة" وسيت كوم "تامر وشوقية" ،كما لفت الانتباه فى دور كريم بفيلم " 1000 مبروك" مع أحمد حلمى، وفى مسلسل "الجماعة" للكاتب وحيد حامد رغم ظهوره القليل، حيث قدم شخصية شاب إخواني أبهرت الجمهور وظلت راسخة في الأذهان، فأعجب الكاتب وحيد حامد بأدائه وقرر ضمه لمسلسله «بدون ذكر أسماء».
توالت أدوار محمد فراج فى أفلام : " تيتة رهيبة ، المصلحة ، القشاش ، قط وفأر ، الماء والخضرة والوجه الحسن" وغيرها ، ومسلسلات :" طرف ثالث ، المواطن إكس، هروب اضطرارى، شربات لوز، هذا المساء، سقوط حر، عد تنازلى ، تحت السيطرة، قابيل ، أهو ده اللى صار، وغيرها "، واستطاع أن يثبت مع كل ظهور أنه فنان مختلف لديه الكثير من طاقات الإبداع، يبنى نجوميته كمن يبنى صرحا كبيرا ويهتم بكل تفاصيله ولا يتعجل البناء .
توفى والده قبل بدء تصوير مسلسل "بدون ذكر أسماء" عام 2013، وتحامل على أحزانه ونسج منها حافزا للنجاح ، فأبدع رغم حزنه، وهكذا عندما توفيت والدته فى العام التالى أثناء تصويره مسلسل "عد تنازلى" فتضاعفت أحزانه لكنه وظف طاقة الحزن فى مزيد من الإبداع.
ومثل الحاوى والساحر لايزال فى جراب الثعلب الموهوب محمد فراج الكثير والكثير من نهر إبداعه المتجدد ومما ينتظره جمهور صدقه وأحبه ومنحه صك النجومية من قبل أن يحصل على أدوار البطولة المطلقة.




المقالات ذات صله