"الاختيار" علامة مضيئة فى الدراما المصريه
سجل يا تاريخ.."الاختيار" علامة مضيئة فى الدراما المصرية ويجب ترجمته لعدة لغات
لسنوات طويلة ظلت هوليوود تصدر لنا بطولات مزيفة عن الجندي الأمريكي أنه القادرعلي إنقاذ العالم، وهو الجندي الأوحد الذي لديه المقدرة علي مواجهة الصعاب والخروج منتصرا، وهوالأمرالذي اقتنع به صناع الدراما وجعلهم يحجمون عن تقديم بطولاتنا خوفا من المقارنة خاصة وأن هوليوود لديها من القدرات والإمكانيات علي جعل الأعمال الدرامية مقنعة، وظللنا لسنوات تاركين تاريخ طويل من البطولات لجنودنا البواسل من الجيش وأفراد الشرطة ولم يقترب منها أحد إلا في تجارب بسيطة لا تعطي هؤلاء العظماء حقوقهم إلي أن بدأت محاولات جادة أخرها تجربة مكتملة الأركان هي مسلسل "الاختيار" إنتاج شركة سينرجي، وربما من المبكر الحكم علي عمل درامي من حلقاته الأولي.
لكن الحقيقة هو أن المسلسل ولد ناجحا واستطاع أن يقطع شوطا طويلا مع الجمهور بحلقاته الأولي المليئة بالأحداث والتي بقدر ما قلبت علي المصريين المواجع إلا أنها "بردت نارهم" أيضا لأن العمل عبر عن حالهم وقال ما كان يريد كل مصري قوله في ظل الظروف التي مرت علينا بحلوها ومرها وتناولها المسلسل ضمن سياق أحداثه.
حيقية الأن نستطيع أن نتقبل العزاء في شهداء الوطن لأننا وبكل اريحية استطعنا ان ننصفهم دراميا وأن نخلد ذكراهم في عمل درامي سيعيش إلي أبد وسنظل نتذكره ونتذكر بطولات وأولادنا ممن استشهدوا في سبيل الوطن وهو ما نعتبره انتصار فالشهيد منتصر بكل المقاييس ومن نجا من اولادنا هم شهداء محتملين وفي أي لحظة سيكونون علي استعداد كامل للتضحية بأرواحهم في سبيل مصر، ويعتبر المسلسل واحد من الأعمال التي يجب أن يتم ترجمتها للعديد من اللغات وعرضها علي التلفزيونات الرسمية للدول العربية والأجنبية حتي يتعرف العالم كله علي بطولات أولادنا وأن ننشر ثقافة جنودنا وبسالتهم في العالم كله.
“الحراق” هو الوصف الذي افضله لوصف مسلسل الاختيار لانه بالفعل كان له تأثير حارق للأخوان والأرهابين ومؤيديهم والمدافعين عنهم فهو فعلا “حرق” المتنطعين وأصحاب المصالح والمأجورين ممن ظهروا وبدأوا في الولولة “زي النسوان” والانتقاد لمجرد الانتقاد والقاء التهم بأن استخدام النقاب والشكل الذي ظهرت عليه اسرة العشماوي هو تشويه للاسلام في محاولة منهم لفش غليلهم من حالة الحرقان الذي تسبب فيه المسلسل لهم، لكنه بالفعل دليل علي نجاح العمل وقدرته علي التأثير واظهار حقيقتهم واستغلالهم للدين كستار واستخدام التدين لاخفاء وجههم القبيح وبالتالي هذا ليس تشويه للاسلام وانما تنقية لمفهومه الاشمل والاوسع توضيح وتعرية لمستغلين الدين وفضحهم وفضح ممارستهم فهم من اسغلوا الدين للضحك علي عقول البسطاء وباستغلاله الخاطئ استطاعوا أن يستقطبوا ضعاف النفوس والدين ممن صدقوهم وجروا وراء وعود حور العين والجنة التي تنتظرهم بعد ممارستهم الارهابية.
المسلسل علي المستوي الفني يحمل العديد من عناصر التميز التي تجعل العمل واحد من أهم الأعمال التي انتظرها الجمهور بشغف ولم يضع انتظاره هباءا فالنتيجة التي ظهر عليه العمل كان خير عوض لفترة الأنتظار، ففريق العمل والذي تم اختياره بعناية شديدة كان موفق بداية من اختيار أمير كرارة لتجسيد أسطورة احمد المنسي واحمد العوضي لتجسيد دور هشام عشماوي وكل الخيوط من حولهما وحتي ضيوف الشرف اسر ياسين وكريم محمود عبد العزيز ومحمد رجب وكل الشخصيات التي قدمت مشاهد صغيرة لكنها كانت مشاهد مؤثره ومحورية في سياق الأحداث، فكرارة وكأنه ولد ليسجد ذلك الدور والعوضي والذي ساهمت ملامحه الجادة ونظراته الثاقبة في تقديم دور العشماوي لدرجة جعلت الجمهور يكرهه شخصيا رغم انه يؤدي دور فقط وهو ما دفع العوضي لنصح الجمهور بعدم الربط بينه وبين الشخصية التي يقدمها بعدما لمس الكره الكبير للدور الذي اتقن في لعبه بمسلسل الاختيار والأداء المتميز ليس فقط في الشخصيات الرئيسية وانما ايضا باقي فريق العمل من الأدوار الثانوية والمتقاطعة مع الخطوط الرئيسية للمسلسل .
تصوير المسلسل بالمطاردات ومشاهد إطلاق الرصاص والهجوم علي الكمائن والقبض علي العناصر الإرهابية كلها مشاهد قدمت بحرفية شديدة تضاهي آهم الأعمال العالمية فهي حقيقة لا يستطيع احد أن ينكرها ورغم أن المخرج بيتر ميمي ناله الكثير من النقد في كثير من الأعمال التي قدمها إلا آنه لا يستطيع أحد أن وجوده بالعمل ولمساته اساس من اسس نجاح العمل وتقديم صورة واقعية خاصة وأنه استخدم العديد من المشاهد الحقيقية التي اضفت واقعية شديدة علي الأحداث، إضافة إلي سيناريو باهر دويدار الذي لم يترك تفصيلة إلا وضفرها داخل سياق الأحداث بحرفية، ولا يستطيع أحد إنكار أن الموسيقي التصويرية التي قدمها تامر كروان كانت قادرة علي مغازلة المشاعر ودفعت العيون لذرف الدموع مع كل المشاهد المؤثرة.