أمانى ابو خزيم : رفضت الاعتذار للهانم فدخلت السجن
نود ان نعرف كيف بدأت المضايقات التي تعرضت لها في العمل؟
- عندما بدأت تقديم النشرة الاخباريه ولفت انظار الجميع لاني اقدمها باسلوب مختلف بعيدا عن الاداء التقليدي في تلك الفترة وبصراحه طلبني صفوت الشريف وزير الاعلام وقتها واثني علي آدائي كثيرا حتي انه كان يقول بانه يتنبأ لي بمستقبل "هايل" علي مستوي الوطن العربي ككل.. الي ان بدأ اسمي يتردد كثيرا في الصحف وهو امر بالمناسبة لم يكن متعارفا عليه في ذلك الوقت مثلما يحدث الان.. وبعدها فوجئت بان تحذيرات الشريف بدأت تزداد ويطالبني بان اغير من تركيبتي وهو ما ادهشني وسالته عن السبب فقال: "الهانم مضايقه وبتقول مالها كده عايقه وواخده بالها من نفسها".. فلم افهم سبب منطقي لهذا الكلام ولكن استمر الحال هكذا عدة سنوات.. وبصراحه لم الق بالا لهذا الكلام واهتممت بعملي فقط.. وبعدها بدأت اللهجه تتغير من الشريف حتي انه قال بصراحه في احدي المرات :"انا حذرتك وماليش دعوه.. خللي بالك بقي".
وهل اكتفي بالتحذيرات ام انه اتخذ اجراء كعقاب لك؟
- بعدها مباشرة تم منعي من المشاركه في ايه مؤتمرات او حفلات او اي عمل اخر بخلاف نشرة الاخبار رغم اني كنت قبلها اقدم عدد من البرامج الثقافيه ومنها "كتاب في حياتي".. وبمرور الوقت بدأ يظهر برنامج "صباح الخير يامصر" فطلبت ان اشارك فيه ولكن الشريف رفض وقال "كفاية عليكي النشرة" لكني صممت كثيرا حتي وافق بعد عناء علي ان يمتد البرنامج ليوم الجمعه -نظرا لان البرنامج كان اجازه في ذلك اليوم - علي ان اظهر فيه مره كل اسبوعين.. فوافقت..
الموافقة علي زياده ايام البرنامج جاءت كمحاولة لارضائك؟
- اجابت بابتسامه خفيفه: بل كمحاوله "لأسكاتي".. فمن وجهة نظرهم انه لن يكون هناك نسبة مشاهدة نظرا لان لا احد يستيقظ مبكرا يوم الاجازه وهو الجمعه لمشاهدة التليفزيون.. ومن ناحية اخري لان ليس لديهم مبرر لمنعي من العمل علي طول الخط..
ورغم اني كنت اعمل يومين فقط بصفه شهرية الا اني الحمد لله استطعت مع زميلي جمال الشاعر وقتها ان نحصل علي افضل يوم مشاهده وافضل دويتو علي مدار 10سنوات.. الا ان فوجئت بالشريف يمنعني من الظهور في النشرات الرئيسيه وقال :انا حذرتك قبل كده"..
الي هذا الحد كانت سوزان مبارك تتدخل في شئون المذيعات حتي الشخصيه منها؟
- هذا صحيح واذكر واقعه غريبه حيث قامت سوزان بطرد الزميله هاله سرحان من احد الاجتماعات _اعتقد بانه اجتماع خاص بالمرأه تقريبا- لمجرد ان هاله ترتدي بدله مماثله لسوزان !! فمن كثرة تحكمها في مختلف الامور كانت تتدخل في كل شيء رغم ان هذا ليس من حقها.
ألم تحاولي سؤال الرئيس اثناء سفرك مع الوفد الي امريكا عن السر وراء كل ذلك؟
- انا بطبعي لا احب الشكوي.. ودائما راضية بما قسمه لي الله تعالي.. وبصراحه "الموجه كانت أعلي مني".. لكن كنت علي يقين بان هناك سبب خفي لا اعرفه.
بصراحه شديده..هل تعتقدين ان تصرفات سوزان وغضبها منك لم يكن الا "غيرة ستات"؟
- اجابت سريعا: طبعا.. "امال هي ايه علاقتها بي اصلا".. فمن الواضح ان "حد عندها بيمدح فيا" وانه يقال امامها كلام جيد عني مما سبب لها الانزعاج لانها لا تحب ان يظهر احد ويصبح تحت الاضواء وان يكون حديث الناس بتميزه.. حتي انه في اثناء سفري مع الوفد الرئاسي بامريكا واثناء عودتنا علي الطائرة وجدت ان مدير مكتب رئيس الجمهورية يثني علي عملي وقال عن الحوار الذي اجريته مع مبارك انه جيد واضاف:»احنا معجبين بشغلك ومتوقع ان تكوني مذيعة الرئاسه«.. وبالطبع مدير مكتب رئيس الجمهورية لن يصرح بمثل هذا الكلام كمجامله فقط او نوع من الدردشه العاديه.. وبالتأكيد يتحدث علي اساس من المعلومات.. ولكن للاسف كل ذلك تم الغاؤه تماما فيما بعد ويبدو ان حرم الرئيس لم يعجبها هذا الكلام..
وكيف كان الوضع في عهد انس الفقي وزير الاعلام السابق الذي خلف الشريف؟
- اصبحت الأمور اسوأ وأكثر تعقيدا.. لان الفقي كان "متربي في البيت عندهم ولازم يسمع الكلام".. فهو جاء لينفذ التعليمات.. ففي نفس العام الذي تولي فيه الوزارة انا تركت التليفزيون في نهايته.. فمن المعروف ان سوزان مبارك هي التي قامت بتعيينه بعد ان جعلته قبلها يتولي وزارة الشباب.. وهو صديق مقرب من ابنها جمال مبارك وكان الفقي موجود دائما عندهم في البيت.. ولم تخب ظنوني.. فقد رفعني من النشرة وبرنامج "صباح الخير يامصر" بعد فترة قصيره من توليه الوزارة.. فواضح انه جاء وفي رأسه اهداف معينه.. حتي ان جميع العاملين بماسبيرو لاحظوا ذلك..وتضررت وتقدمت بشكاوي لكنه رفض مقابلتي.وحاول د.مصطفي الفقي التدخل لمعرفة سبب ابعادي عن العمل وحاول الاستفسار من انس الفقي الذي رد عليه قائلا: "انا مزاجي كده ومش حاخليها تشتغل".. فرد عليه مصطفي باني متميزه في عملي ولم ارتكب اي خطأ كما ان الرئيس كرمني اكثر من مره وكان يتصل خصيصا ب"صباح الخير يامصر" يوم الجمعه ليثني علي ادائي انا وزميلي جمال الشاعر ويمتدحنا علي الهواء عن طريق المداخلات التليفونية.. لكن انس الفقي كان رده حاسم:"انا ماليش دعوه بالريس.. انا مش حاشغلها"..!! فواضح من الثقه التي كان يتحدث بها انه كان لديه "رئيس آخر"..
اعتقد ان هذا الموقف الحاد من وزير الاعلام السابق كان فاصلا بالنسبة لك؟
- هذا صحيح فقد نصحني احد الاصدقاء بان احاول الاتصال بالرئيس لاتظلم من الضرر الواقع علي دون اي ذنب ارتكبته.. وهذا مافعلته فاتصلت بجمال عبد العزيز السكرتير الشخصي الذي كان معنا علي متن الطائرة في رحلة امريكا واخبرته ان لدي مشكله ارغب في عرضها علي رئيس الجمهوريه فسالني عن طبيعة المشكله وتفاصيلها فحكيت له كل شيء.. واستنتجت بعد ذلك انه ربما سأل انس الفقي والاخير طبعا اسرع ليخبر "الهانم" بالخطوه التي اقدمت عليها.. وكان الرد اني بعدها بثلاثة اسابيع تقريبا كنت خلف الاسوار متهمه في قضيه رشوة مع بعض المسئولين في جهاز مدينة 6 اكتوبر..!!
ولماذا اختاروا هذا النوع من القضايا تحديدا ليلصقوها بك؟
- اجابت ضاحكه: الحمد لله انها "جت علي قد كده".. فيبدو انهم قاموا بمراقبتي طوال المدة التي تعرضت فيها للمضايقات حتي يبحثوا عن اي شيء ممكن استغلاله ضدي.. حتي علموا اني كنت املك قطعة ارض اشتريتها من جهاز مدينة 6 اكتوبر بمساحة 650 متر »علي قد امكانياتي« وأرغب في بيعها وتوالت المفاجآت بعد ذلك لأفاجأ بأتهامهم لي بأني اشتريتها بالرشوة..!! فسالت عن الادله فاخبروني انه لايوجد ولسوء حظي فقد قام ضباط من امن الدوله بالتحقيق معي لاني شخصيه عامه بعكس اي مواطن يتم التحقيق معه من قبل النيابه.. وبالطبع الجميع يعرف بعض نوعية ضباط امن الدوله وطرق تعاملهم مع الامور وامكانية تلفيقهم للقضايا..
وماذا عن اقوال باقي المتهمين.. هل كانت ضدك ايضا؟
- ابدا.. فلم يتهمني اي شخص.. بل بالعكس عندما سألوا رئيس جهاز المدينة اكد ان ليس لي علاقه بالمشكله التي يشترك فيها مع باقي المتهمين.. لكن ضباط امن الدوله قالوا له "بس احنا عايزينها" واجبروه اثناء احدي الجلسات ان يدعي باني اعطيته رشوه لكنها دقائق معدوده حتي تراجع عن اقواله واكد علي براءتي وعدم صلتي بالقضيه ككل.. وللعلم فانا كنت استطيع ان اخرج من القضية فورا اذا اعترفت باني اعطيت رشوة لرئيس الجهاز.. لان المادة 107 من القانون تنص علي انه في اي وقت يعترف فيه الراشي علي تقديم رشوة للطرف الاخر "وهو المرتشي" يتم الافراج عن الاول مباشرة.. ولكني رفضت تماما ان اشهد زور حتي وان كان الثمن هو دخولي السجن.. والغريب ايضا انه اثناء التحقيقات قدمت التماس للافراج عني باي ضمان مراعاة للظروف الصحيه لوالدتي.. لكن ماهر عبد الواحد النائب العام السابق رفض وقال ان لديه اوامر بحبسي!!
ولكن كيف انقلبت القضية ضدك وصدر الحكم بحبسك؟
- بعد تغيير 3 قضاة بدون ابداء اسباب وفي غير توقيت التغييرات مما أثارت العديد من علامات الاستفهام.. الي ان جاء الرابع ليصدر حكمه علي بالسجن رغم انه جاء في حيثيات الحكم "تقديم مكافأه مالية علي سبيل الرشوة نظير خدمه مؤجله وبدون اتفاق مسبق علي قيمتها".. واود هنا ان اشير الي قيام 54 قاض قد تقدموا بشكوي ضد وزير العدل السابق لانه كان يجبرهم علي اصدار احكام معينه تتوافق مع رغبة النظام الحاكم.. وتقدمت بالنقض في الحكم وتم قبوله.. وفي هذه الحاله يجب ان تتم اعادة محاكمتي مره اخري وهو للاسف مالم يحدث حتي الآن.. الغريب انه اثناء جلسات المحاكمه كان ياتيني احد الاشخاص لا اعرفه ويقترب من القفص ويطمئني باني سأحصل علي حكم بالبراءه وفي احدي المرات اضاف:"طيب ما نشوف حد يكلم سوزان مبارك وتعتذري لها والمشكله تخلص".. فاندهشت جدا من هذا الكلام ورفضت تماما وقلت "علي جثتي ان اعتذر لها لاني اصلا ماعملتلهاش حاجه".
من المعروف ان جلسات اي قضيه لشخصيه عامه يكون هناك تواجد لعدد من الصحفيين والقنوات التليفزيونيه فلماذا لم تحاولي الحديث معهم وتبرأة ساحتك؟
- كان هناك دائما احد الاشخاص الذي اجده يمنعهم من الاقتراب من القفص وعندما سألته عن سبب تصرفه يقول "انا خايف عليكي".. وكنت اعتقد انه من احد جمهوري فلم يشغلني هذا الامر وقتها..كما اني بصراحه كنت اشعر بالخوف من ان اتحدث عن كواليس مايحدث معي لان معروف ان سوزان مبارك "ايدها كانت اعلي من الرئيس نفسه" وكان ممكن ان تأمر بقتلي "وماليش دية عندهم لان ايديهم طايله" وكان ممكن تقيد القضية ضد مجهول.. او ممكن ان تقوم بتلفيق اي قضيه تمس سمعتي.. فالحمد لله لاني في "حالي دايما وماليش دعوه بحد.. فجاءت القضيه علي قد الاتهام بالرشوة"..
هل تقدمت الان بطلب لاعادة النظر في القضيه الخاصة بك؟
- سأقدم الطلب لرئيس محكمة التقض ..ولكني أفضل ان انتظر قليلا "لان الدنيا لسه هايجه" والامور غير مستقره تماما.. فانا ضحية سوزان مبارك وانس الفقي "ولفت الدنيا.. وشربوا من نفس الكاس".. صحيح صفوت الشريف كان ايضا مشتركا معهم في ظلمي ولكن بصراحه ليس بنفس القدر لانه كان متابع تدرجي المهني ومؤمن تماما بان ليس لي اي ذنب في اي شيء..
ما الرسالة التي توجهيها بعد كل ماتعرضت له علي مدار سنوات طويلة؟
- اناشد المجلس الاعلي للقوات المسلحه وعلي رأسه المشير حسين طنطاوي ود.عصام شريف رئيس الوزراء لاعادتي للعمل لاني ضحية ذلك النظام الفاسد ولدي من المستندات مايثبت براءتي وارجو ان تتم اعادة محاكمتي من جديد نظرا لانه قد تم قبول الطعن من فترة ولكن لم تعاد المحاكمة وهذا مخالف للقانون.. كما انه ليس من ضمن قرارات المحكمه اصلا مايدعو لايقافي او ابعادي عن العمل وحتي الان لا احصل علي معاش او ايه مستحقات ماديه لان رئيس الشئون الماليه والادارية كان من اتباع انس الفقي وينفذ اوامره مباشرة..
وماذا تقولين لسوزان مبارك؟
- اجابت بعد تنهيده طويله: الظلم ظلمات يوم القيامه.. فقد اراد السميع العليم ان يوضعوا جميعا في نفس الموقف الذي ارادوا ان يضعوني فيه ولكن الفارق انهم بدون ظلم... واقول لها ان ربنا سبحانه وتعالي بيعاقب كل علي قدر خطئك.. فهو يمهل ولايهمل.. وهو وحده الذي يتحكم في اقدار العباد..
