يوم من حياة فتاة منسية…

حين تلتقي عيناها مع المرآة

تبتسم ابتسامة الضعيفة

تقنع نفسها أن لا أحد يرى ما تراه هي في مرآتها الصديقة

تباشر الحوار مع صورتها المعكوسة من المرآة

تبتسم فترد المرآة بالابتسام

تخاطبها :أولست جميلة؟؟!!

فترد عليها بالإيجاب والإعجاب

وماتلبث أن ترتدي أحلى الثياب بثقة وكبرياء

وتخرج لتناول العشاء … مع بعض من تحسبهم من الأصدقاء

مر زمنُ عليهن منذ آخر لقاء

وكل واحدة منهن قد نالت نصيباًمن الحياة

فمنهن من وُهبت الجمال والمال

ومنهن من تزوجت من أحد الوجهاء

ومنهن من أنجبت عدداً من الأولاد

وأخريات مازلن ينتظرين نصيباً آخر من الحياة

حياة السعادة والزواج,أو العمل أو الأولاد

أما هي فجلست بانبهار تسمع كل الأخبار

فلما تعبن من كثرة الكلام…توجهن إليها بالأنظار

ماذا دهاك ؟؟!!! ماذا هناك؟؟!!

لم كل هذه الدهون الجسام تثقلين بها القوام

لم حل على وجهك بعض خطوط الزمان قبل الأوان

(لم نحتي من جسدك لوحة للنقاد…لم لم تبرحي مكانك منذ أعوم

فلا زوجٌ ولا ولدٌ ولاحتى شغلٌ من الأعمال

مابالك توقفتي وساعة الحياة سبقتك بأعوام)

تحاول مجاراتهن بالانكار….وتبدأ بنسج قصص من الخيال

عن عدد مهول من الخطاب…عن مدى نشاطاتها وتبسمها وحبها للحياة…عن عدد من الوظائف المرموقة التي شغلتها على مر الأعوام

فما كان منهن إلا أن بادلنها بابتسامة النكران

وانتهى الكلام وبدأ الجميع بتناول وجبة العشاء

أما هي فتناولت وجبتها بنهم شديد…كأنها بحالة حرمان أكيد

أنهى الجميع طعامه … لكنها لم تتوقف

لعلها نسيت أنهن حولها يراقبن حالة هياجنها نحو الطعام

أو ربما تعمدت نسيان وجودهن لتستمع بوقتها مع الطعام

فهو ألذ صديق عرفته منذ عدةأعوام…موجود وقتما تشاء…يسمعهاكلما شكت له مصاعب الحياة

أنهت وجبتها وتوجهت لجميع الأنظار شاكرة إياهن على هذه الأمسية الجميلة

وأن عهد صداقتهن يستحق التجديد…بادلنها العهود وتفرقن بالحال

أما هي فقد أسرعت الخطى نحو منزلها…توجهت للمرآة باكية…مستنجدة

تريد أن تفند نظرية الصديقات المؤلمة

تفاجأت بنظرات المرآة لها…أحست أنها انضمت لصديقاتها االلائمات

لم تحتمل رؤية حقيقة أمرها…فآثرت أن تكسرها وتلغيها من الوجود

فما حاجتها لمرآة لاتقول لها أنها أجمل الفتيات

وأن لها عيوناً ساحرات…

وأن لها طلةُ بهية…وحضوراً قوياً…وشخصية مؤثرة ناجحة ً بالحياة

لا,بل فضلت أن تحوك من خيالها أوهاماً,تتدثر بها لتحميها من رياح الحقيقة التي تعصف بها بين حين وآخر.

لقد جعلت من نفسها جسدا بلا حياة

فأصبحت منسية كصفحة في أقدم المخطوطات

وللأسف أنها ظاهرة مستمرة بالانتشار بين الفتيات اللاتي لم يجدن هدفاً يشدهن للتمتع بالحياة سوى تجاهل أنفسهن ورميها في مستنقعات النسيان,لعل إنسياً ما ينتشلهن ويعيدهن إلى خضم الحياة من جديد.وعلى هذا المنوال يبقى الحال!!!!




المقالات ذات صله