أرتباط العلاقات الحميمه بالعمر

العلاقة الحميمة لا ترتبط بالعمر!


يخطئ من يعتقد أن للرغبة الجنسية عمراً معيناً عند المرأة (بصفة خاصة)، وأيضاً عند الرجل إلى حد ما، وهو أمر غير صحيح، ويبدو أن هناك عدم وضوح في كيفية ونوعية التغيرات التي تحدث على العلاقة الحميمة والقدرة الإنجابية للزوجين، وكيف أنها تتغير مع مرور الوقت، الأمر الذي يجعل بعض الزوجات يخجلن أو حتى يخشين التعبير عن رغباتهن الحميمة مع أزواجهن؛ خوفاً من الانتقادات السلبية، والتي تؤدي إلى حدوث أضرار نفسية سيئة، منها التعرض للاكتئاب، وظهور أعراض جسمية لها منشأ نفسي؛ مثل القولون العصبي، الصداع، الآلام المزمنة في أسفل الظهر، ونحوها من اضطرابات جسدية كثيرة، يكون السبب الرئيس فيها عدم التوافق الجنسي في مرحلة انقطاع الخصوبة، أو ما كان يُعرف سابقاً بمرحلة سن اليأس.

الحالة:
السيدة تبلغ من العمر 55 عاماً، متزوجة منذ ما يقرب من 37 عاماً، ولديها العديد من الأولاد والأحفاد. زوجها يكبرها بحوالي 10 سنوات، في حالة صحية جيدة، فهو يهتم بالرياضة، وبنوعية الأكل، وحريص جداً على كل ما يجعله يبدو شاباً. وهو دائم الشكوى من (مظهرها الخارجي، وقدرتها الجنسية)، ولا يتردد عن التهديد الدائم برغبته في الزواج الثاني، وحتى الثالث، إذا هي لم تشبعه جنسياً، كما كان الأمر في السابق، وبالفعل تزوج منذ عامين من شابة أصغر من بناته، ولم يستمر ذلك الزواج؛ نظراً لأنها اشترطت أن يطلق زوجته الأولى، وهو ما يرفضه تماماً.
وتضيف أن المشكلة ازدادت تعقيداً بعد أن علمت بهذا الزواج، فهي تشعر بفقدان الرغبة الجنسية تماماً كلما تذكرت مدى الألم الذي تعانيه من نظرة الناس لها بأنها أصبحت (غير صالحة للمعاشرة الجنسية)، وهو أمر غير صحيح، ولكنها تحاول أن تقول للزوج إنها متضررة تماماً من كثرة تعليقاته، ومن التهديد المستمر بالارتباط بأخرى.

وتسألني: دكتورة، هل نعاني نحن النساء فقط من انتهاء الصلاحية الجنسية، أم أن الرجال أيضاً يمرون بها؟ وهل يمكن أن يكون هناك حل لمثل حالتي؟

الإجابة:
السيدة أم علي: أود أن أعبّر لكِ عن إعجابي بأنك تخطيت الخطوط الحمراء الواهية والواهمة التي يضعها المجتمع كقيد في أعناق النساء، خاصة بعد انقطاع الخصوبة.

هناك عدة جوانب متشابكة ومرتبطة بالعلاقة الحميمة بين الزوجين بعد مرور سنوات على الزواج، وبعد الانتهاء من رعاية الأسرة والأبناء، ويمكن تلخيص هذه العوامل في عدة جوانب:
1- التأثير على التفاعل النفسي بين الزوجين عادة ما يأخذ طابعاً من الهدوء، حيث يشعر كل من الزوجين أنه قادر على تفهم الآخر في معظم نواحي الحياة، وأيضاً تقل الاهتمامات المشتركة (العاطفية)، وتتحول العلاقة إلى النمط الروتيني الرتيب، بما فيها الجانب الجنسي، وقد وجدت بعض الدراسات أن معدل اللقاء الجنسي في العديد من الحالات ينخفض ويصبح مرة شهرياً في أحسن الحالات، ويلعب العامل الصحي العام دوراً مهماً في هذه الناحية، حيث وكما هو معروف طبياً يكثر ظهور الأمراض المزمنة؛ مثل السكري، وارتفاع ضغط الدم، وتصلب الشرايين، في مرحلة ما بعد الخمسين، خاصة إذا ما صاحبها مرض السمنة، وهو آفة هذا العصر، الأمر الذي يؤثر سلباً على العلاقة الجنسية.

2- قد يختلف الأمر إذا كان أحد الزوجين قد أهمل الاهتمام بالنواحي العضوية؛ كممارسة الرياضة بصورة منتظمة، الأمر الذي يؤثر سلباً على مستوى اللياقة البدنية، وبالتالي يبدأ الخلاف بين الزوجين، وقد يجعل الزوج يسيء للزوجة بمثل هذه التعليقات السلبية؛ اعتقاداً منه أنه يشجعها على الاهتمام بالصحة، وبالتالي يؤدي هذا الأسلوب إلى نتيجة عكسية في الكثير من الأحيان. وأظهرت إحدى الدراسات في البيئة العربية أن معظم حالات الزواج الثاني في المجتمعات التي تجيز ذلك، عادة ما تكون بعد مرور ما لا يقل عن 15 - 20 عاماً على الزواج، وتكون الزوجة الثانية في معظم الأحوال أصغر من أبنائه.

3- المفهوم الخاطئ بوجود عمر افتراضي للممارسة الجنسية عند المرأة غير صحيح، وهناك دائماً خلط بين القدرة الجنسية (ليس لها أي عمر افتراضي) وبين القدرة على الإنجاب، لذلك وعلى عكس ما هو شائع في المجتمع نجد أن الحفاظ على الممارسة الجنسية في هذه المرحلة يساعد على تحقيق الاستقرار والراحة النفسية المتوازنة، مع القدرة على الاستمتاع النفسي بباقي نواحي الحياة.

فلذلك من المهم أن أقدم لك بعض الإرشادات التي تساعدك على استعادة التوازن في العلاقة الحميمة مع زوجك:
- ابدئي في مشاركته الأنشطة الصحية؛ مثل تناول نفس نوع الطعام الذي يحرص عليه، شاركيه ممارسة الرياضة، واجعليها نمطاً منتظماً لكليكما، مع الحرص على الحصول على إجازة (مع الزوج)، ولو لفترة قصيرة خارج نطاق المألوف لكما.
- تخلصي تماماً من النمط التقليدي في النظرة للمرحلة العمرية، والتزمي جانب التفاؤل في الحياة، فهو يعمل على زيادة إفراز مورفينات الدماغ الطبيعية، وبالتالي يحقق الراحة النفسية.
- تعودي على تبادل (الحوار الحميم) مع الزوج، ويكون ذلك بعدة طرق؛ منها على سبيل المثال «النكات الحميمة»، والتي تكسر حدة الجمود في العلاقة الخاصة.
- اجعلي اللقاء الحميم مميزاً، حتى ولو لم يكتمل، فالهدف هنا هو التواصل الحميم، وليس النجاح في الامتحان.
- تأكدي أن سلوك زوجك سيتغير بعد فترة، خاصة إذا فهم أن الهدف هو ليس لتغيير رغبته في الزواج بأخرى، وإنما لتستمتعا بالحياة معاً، وبمعنى آخر احرصي على أن يكون التغيير دائماً، وليس مرحلة وقتية تنتهي إذا ما غيّر رأيه عن الارتباط بأخرى.
- أرجو أن تجعلي زوجك يقرأ هذا الجزء بتمعن فهو موجّه له: وأقول له إن تغيرات الزمان تؤثر عليكما معاً، وأن الزوجة التي نجحت في معظم نواحي الحياة الأسرية لها حق عليك في تشجيعها على الاهتمام بصحتها أولاً، وبأسلوب غير جارح؛ حتى تكون في وضع يساعدها على الاهتمام بك، وتقديم أفضل ما لديها من مشاعر وجنس وحب، فعطاء المرأة المُحبة لا ينتهي.

نصيحة:
العلاقة الجنسية عند المرأة تشتمل على ثلاثة جوانب: جانب القدرة على الإنجاب؛ وهو مرتبط بالتبويض، وينتهي بحلول سن انقطاع الخصوبة، والرغبة والقدرة الجنسية؛ وهما لا يرتبطان بأي مرحلة، ولا يوجد لهما تاريخ انتهاء الصلاحية.




المقالات ذات صله