هل يسبب فيروس كوفيد-19 أمراض المناعة الذاتية؟

فيروس كوفيد-19 قد يسبب أمراض المناعة الذاتية

 توصل فريق دولي من الباحثين الذين يدرسون covid-19 إلى أن الفيروس يبدو أنه يجعل الجسم يصنع أسلحة لمهاجمة أنسجته، ويمكن أن يكشف هذا الاكتشاف عن عدد من الألغاز والأسرار السريرية لـcovid-19، وتشمل هذه الألغاز والتساؤلات مجموعة من الأعراض التي يمكن أن تأتي مع العدوى واستمرار الأعراض لدى بعض الأشخاص لأشهر بعد خروج الفيروس من الجسم، وهي ظاهرة يطلق عليها اسم عدوى covid-19 الطويلة،

 وأحد الألغاز أيضا هو لماذا يعاني بعض الأطفال والبالغين من متلازمة التهابية خطيرة بعد الاصابة تسمى

* هل يسبب فيروس كوفيد-19 أمراض المناعة الذاتية؟

يشير مؤلف الدراسة أوتز، الذي يُدرس علم المناعة والمناعة الذاتية في جامعة ستانفورد-كاليفورنيا، إلى أن الفيروس قد يتسبب في اضطرابات الجهاز المناعي بشكل مباشر.

ويقول أيضا إنهم بدأوا الدراسة بعد رؤية مرضى COVID الذين يعانون من مجموعات غريبة من الأعراض، التي بدت أشبه بأمراض المناعة الذاتية أكثر من الالتهابات الفيروسية، كالطفح الجلدي وآلام المفاصل وآلام العضلات وتورم الدماغ، وجفاف العيون، والتهاب الأوعية الدموية وتجلط الدم بسهولة.

* هل الفيروسات الأخرى يمكن أن تسبب أمراض المناعة الذاتية؟

وأثارت هذه الدراسة تساؤلاً عما إذا كانت فيروسات الجهاز التنفسي الأخرى قد تسبب أعراضاَ على المدى البعيد، فتهاجم الجسم وتسبب أمراض المناعة الذاتية مثل التصلب المتعدد والتهاب المفاصل الروماتويدي والذئبة الحمراء، في وقت لاحق من الحياة بعد الشفاء، 

وتوقع أوتز هو وفريقه أن هذه الظاهرة لن تقتصر فقط على فيروسات SARS-COV، وأنهم سيجدونها مع فيروسات الجهاز التنفسي الأخرى، وبناء على ذلك، قال أوتز وفريقه إنهم سيقومون بعد ذلك بدراسة مرضى الإنفلونزا لمعرفة ما إذا كان هذا الفيروس قد يسبب أيضا هذه الظاهرة.

* تفاصيل عن الدراسة

وتضمنت هذه الدراسة بيانات من أكثر من 300 مريض من أربعة مستشفيات، اثنان في كاليفورنيا، وواحد في بنسلفانيا، وآخر في ألمانيا.

واستخدم الباحثون اختبارات الدم لدراسة استجاباتهم المناعية مع تقدم العدوى للكشف عن الأجسام المضادة الذاتية (أسلحة الجهاز المناعي التي تنتشر وتشن هجوما على أنسجة الجسم)، وقارنوا هذه الأجسام المضادة الذاتية بتلك الموجودة لدى الأشخاص غير المصابين بالفيروس المسبب لـCOVID-19.

وجدت الدراسة السابقة أن الأجسام المضادة الذاتية كانت أكثر شيوعا بعد الإصابة بـCOVID-19 لدى 50% من الأشخاص الذين تم نقلهم إلى المستشفى بعد الإصابة بالعدوى، ووجدت الدراسة أن عند بعض الأشخاص الذين لديهم أجساماً مضادة ذاتية لم يتغير عددها أو شيوعها كثيراً مع تقدم العدوى، 

وهذا يشير إلى أن هذه الأجسام المضادة كانت موجودة في البداية، ما قد يسمح للعدوى بالخروج عن السيطرة في الجسم، ويقول أوتز أن هؤلاء الأشخاص قد تم إعداد أجسامهم للإصابة بـCOVID -19 السيئ، ما قد يسمح للعدوى بالخروج عن السيطرة في الجسم.

ولكن في حالات أخرى، حوالي 20% من الأشخاص الذين أصيبوا بـCOVID أصبحت لديهم الأجسام المضادة أكثر شيوعاَ مع تقدم العدوى؛ ما يشير إلى أنها مرتبطة ارتباطاَ مباشراَ بالعدوى الفيروسية بدلاَ من أن تكون حالة موجودة مسبقا.

وقد أظهرت الدراسة السابقة أن الأشخاص الذين يولدون بجينات تتسبب في انخفاض وظيفة الإنترفيرون لديهم، أو الذين يصنعون أجساماَ مضادة ذاتية ضد هذه البروتينات (interferon)، يبدو أنهم أكثر عرضة للإصابة بعدوى COVID-19 التي تهدد حياتهم، حيث وجدت الدراسة أن هذه الأجسام المضادة تعطي الفيروس قوة.

ولوحظ خلال الدراسة أيضاَ أنه بالإضافة للأجسام المضادة الذاتية التي تخرب الجهاز المناعي، كانت لدى بعض الأشخاص أجسام مضادة ذاتية ضد العضلات والأنسجة الضامة والتي شوهدت في بعض الاضطرابات النادرة.

وقالت أيريس ميلان، طبيبة في وايل كورنيل في منهاتن، أن الخطر الأكبر هنا لم يكن الفيروس التاجي نفسه بل رد الفعل المناعي الشديد لدرجة أنه قد يتسبب بامتلاء الرئتين بالسوائل ودفع الأعضاء إلى الانغلاق، ما قد يؤدي إلى وفاة المريض، وغالباَ ما يصف أخصائيو أمراض الروماتيزم هذا النوع من رد الفعل المناعي بأنه عاصفة خلوية أو متلازمة إطلاق السيتوكين، والسيتوكينات عبارة عن بروتينات تطلقها الخلايا من أجل إرسال رسائل إلى خلايا أخرى، لتشير على سبيل المثال إلى حدوث غزو فيروسي.

أما دونا فاربر، دكتورة وأستاذة علم الأحياء الدقيقة وعلم المناعة في جامعة كولومبيا، فوصفت نتائج الدراسة بأنها مثيرة للاهتمام للغاية، وتشير إلى أن معظم المرضى في الدراسة بدوا مرضى للغاية، ويعانون من تلف كبير في الأعضاء بسبب الالتهابات.

وتقول إن أحد التفسيرات المحتملة للأجسام المضادة الذاتية يمكن أن يكون أن الجسم ينتجها لمحاولة التحقق من استجابته المناعية للفيروس، كما تتشكل الأجسام المضادة استجابة للمستوى العالي من الأنسجة والجزيئات الالتهابية التي يتم إطلاقها بسبب الضرر الذي يسببه الفيروس، ووضحت دونا أن العديد من أنواع العدوى يمكن أن تؤدي إلى أمراض مناعية ذاتية.

* الخلاصة

يقول أوتز إنه سيكون من المهم دراسة الأجسام المضادة الذاتية لتحديد أي نوع منها بالضبط الذي يسبب هذه الأعراض، فإذا تمكنوا من تحديدها مبكراَ فقد يكون من الممكن علاج الأشخاص المعرضين لخطر عدم تحمل أعراض الأدوية التي تثبط جهاز المناعة.

وستكون هناك حاجة للمزيد من الدراسة لمعرفة ما إذا كانت المناعة الذاتية هذه ستظل مستمرة، وفي النهاية علينا أن ندرك أنه سيكون هناك ضرر طويل المدى من هذا الفيروس للناجين.





المقالات ذات صله