هل مارك زوكربيرج عبقري بالفعل؟

تُعتبر شبكة الفيسبوك الاجتماعية في الوقت الحالي هي الطريقة المُثلى للاختلاط والتفاعل، ومع ذلك فمن الصعب تبرير وضع "زوكربيرج" بجانب العباقرة الحقيقيين مثل دافنشي ونيوتن.

إن بالفعل ما قام به "زوكربيرج" عمل مثير للإعجاب، لكن لا يمكن أن يقال عن أفعاله بأنها أمور إبداعية مثلما قام به نيوتن على سبيل المثال، في حين بدأت منشورات صحفية متنوعة فى إطلاق لفظ "العبقري" على "مارك زوكربيرج".

من الطبيعي أن نعرف كل شيء عن الفيسبوك، بل من الطبيعي أننا نتصفح هذا الموقع الإلكتروني باستمرار أو على الأقل كهواية في وقت الفراغ، فالآن يستقطب الفيسبوك ما يقرب من 500 مليون عضو مما يعتبر دليلا قاطعا على شعبيته، وقد بدأت منشورات متنوعة مثل مجلة "جي كيو" في وصف الفيسبوك بالاختراع العبقري؛ حيث إن له أثراً كبيراً في تغيير الطريقة التي يتفاعل بها البشر بطريقة ليس لها مثيل منذ أن تم اختراع الهاتف.

ولكن هل من الصواب أن ندعوه بالعبقري؟ إنها كلمة تصيب صاحبها بالتعجرف في هذه الأيام، كما أنها حالياً ليست بالمعنى التقليدي لها، ومع وضع ذلك في الاعتبار فإننا قد قررنا الغوص أعمق قليلاً إلى العبقرية الحقيقية، وإن كان "زوكربيرج" عبقرياً أم لم يكن، فقد اخترع شيئاً هاماً جداً للبشرية لن ننكره أبداً لصاحبه.

إن تعريف شخص ما بأنه "عبقري" أمر صعب للغاية، حيث إنك ستضعه بجانب عقول عظيمة منذ عدة قرون مثل "ناويل كانط" أحد كبار الفلاسفة الذي قال "إن الأصالة هي حجز الزاوية الأساسي للعبقرية"، حيث إن العباقرة لديهم القدرة على التفكير في الطريقة التي من الممكن أن تحول العالم إلى شيء لم يتصوره أحد من قبل.

إن "كانط" ما هو إلا مثال واحد من عدد لا يُحصى من العباقرة مهما كانت كيفية هذا التعريف الدقيق، كما أن محاولات الناس للتوصل لهذا التعريف يحول بينهم وبينه كلمات عديدة مثل الأصالة والرؤية والعمل الجاد والإخراج الإبداعي، سنقوم بدراسة كل مصطلح وسنحكم في النهاية على "زوكربيرج" ما إن كان عبقرياً أم لا.

أولاً :- الأصالة:
واحدة من أهم الجوانب الأساسية للعبقرية هي الأصالة والقدرة على خلق شيء غير عادي، خاصة الاختراعات التكنولوجية المبتكرة التي تعتبر تحفاً فنية، إضافة إلى أنها أشياء فريدة من نوعها لم يكن لها مثيل من قبل.

إن الأمثلة على هذه الأمور وفيرة للغاية على مر التاريخ، سواء كان فنان عصر النهضة "ليوناردو دافنشي" أو "إسحق نيوتن" رمز التقدم العلمي ومعه "ألبرت آينشتاين"، نعم.. لقد رأينا هؤلاء الرموز على مر العصور بشكل مختلف عن أقرانهم، فهم الأصل دائماً.

ولكن هل يمكن أن يُقال نفس الشيء عن زوكربيرج والفيسبوك؟ إنه يحمل بالفعل طابع الأصالة، لكنها في الحقيقة محط اختلافات للشبكات الاجتماعية وهي بالتأكيد ليست الشبكة الاجتماعية الأولى، لذلك فلا يمكن أن يُقال عن زوكربيرج أنه اخترع شيئاً أصلياً، على الرغم من أن الفيسبوك يعمل به حوالي 1400 موظف في الوقت الحالي، فإنه يصبح من الصعب تمييز زوكربيرج كعبقري أصيل، فلا يمكن له أن يستخدم الفيسبوك لإظهار عبقريته.

ثانياً :- العمل الشاق والشجاعة والمثابرة :
في هذا المجال يتميز زوكربيرج بقوة التنفيذ إضافة إلى العمل الجاد والتطلع الدائم إلى التحسن، فلقد قام الفنان "مايكل أنجلو" بإتقان سقف كنيسة سيستين لمدة أربع سنوات، وهو مقدار زمني هائل من الجهد حيث إن العبقري هو الذي لا يخشى المخاطر إن كان هذا الأمر من الممكن أن يؤدي إلى نجاح كبير في النهاية.

لا يمكن لأحد أن يتهم زوكربيرج بالكسل، وببساطة لم يكن الفيسبوك لينجح لو لم يقم الرئيس التنفيذي للشركة بالجهد الوفير من أجل تطوير الموقع، فهناك رغبة واضحة للنجاح تسري في دمه وهي التي مكنته من استثمار معظم إمكاناته حتى الآن، ربما لعب الحظ دوراً في حياته حيث إن هناك الكثير من العباقرة الذين لم يلاقوا الحظ بجانبهم من أجل اكتساب الشهرة، أما "مارك زوكربيرج" فهو رجل عظيم انتهز جميع الفرص التي سنحت له، أخذ مخاطر قليلة على طول الطريق ثم كوفيء على شجاعته وأخلاقياته في العمل الذي بدأه.

فلقد تحول المشروع الذي بدأه مارك في غرفة نومه إلى واحد من أهم المواقع وأكثرها شعبية في العالم، وهو ليس بالشيء العادي، فالعمل الجاد والمثابرة التي تبناها مثيرة جداً للإعجاب.

الرؤية:-
قال أحد الحكماء: "إن الموهبة تحتاج إلى هدف ليتم تفعيلها، والعبقرية تحتاج إلى رؤية حتى يتم استثمارها".

إن الرؤية الإبداعية معيار آخر مهم والذي على أساسها يتم إجراء تقييم للشخص، حيث إن العبقري يفكر خارج المربع الذي يفكر فيه جميع الناس، فأنت تتخيل أشياء ليس لها وجود، فننظر إلى "دافنشي" وهو الرجل الذي كان صاحب تصميم الدبابات وطائرات الهليكوبتر قبل قرون مع العلم أنه أراد أن تكون واقعية، فهل من الممكن أن نعتبر "مارك زوكربيرج" صاحب رؤية؟ ألا يستحق الفيسبوك أن يُطلق عليه اختراع إبداعي؟.

إن الفيسبوك أمر إبداعي بالتأكيد، ولكن كما قلنا من قبل لقد استفاد "مارك زوكربيرج" من عدة مواقع اجتماعية سابقة وتجنب أخطاءها، فإن كانت هناك رؤية حقيقية وراء الفيسبوك بخلاف نجاحه المالي، فإن "زوكربيرج" جعل جميع الناس حول العالم يشاركون بعضهم في كل شيء.

وإن كانت هذه حقاً رؤيته، أو مجرد وسيلة للدفاع عن الفيسبوك من انتقادات كثيرة، فإن رؤية مارك تلك جعلته يصل إلى هدف أكبر.