احتكار فيس بوك وجوجل لسوق الإعلانات الإلكترونية

أزمة الصحافة تتفاقم فى ظل هيمنة الإنترنت.. احتكار فيس بوك وجوجل لسوق الإعلانات الإلكترونية يهدد الصناعة.. وناشر أمريكى: التغييرات التكنولوجية أصبحت مدمرة للصحف اليومية.. وصفقات الاندماج محاولة بائسة للإنقاذ
مواقع التواصل


لم تواجه صناعة الصحافة فى تاريخها تحديا أكبر وأخطر من الذى تتعرض له الآن، والذى بات يهددها بشكل كبير والسبب الرئيسى فى ذلك السوشيال ميديا وعلى وجه التحديد موقع فيس بوك وجوجل.



ولا تقتصر المخاطر فقط على النهاية الوشيكة لعصر الصحافة الورقية فى العصر الإلكترونى، بعد أن بات الخبر يلاحق القارئ عبر مختلف المنصات، وإنما يأتى التهديد الأكبر من استيلاء الموقع الأزرق على كعكة الإعلانات التى تعد المصدر الرئيسى لقيام الصناعة، خاصة بعد انهيار مبيعات الصحف الورقية فى كل مكان، ورغم المحاولات المضنية التى تقوم بها وسائل الإعلام التقليدية لمواجهة ممارسات فيس بوك الاحتكارية، إلا أنها لم تنجح حتى الآن فى وقف نزيف الصناعة.



وكان آخر من دق أجراس الإنذار بشأن التهديد الذى تواجهه صناعة الصحافة الناشر تشارلز توماس مونجر، نائب رئيس مجلس إدارة دار "بيكاشير هاثاواي"، الذى قال إن الصحف الأمريكية لم يعد لديها مستقبل".



وقال مونجر البالغ من العمر 96 عاماً خلال الاجتماع السنوي لشركة ديلي جورنال كورب: التغييرات التكنولوجية باتت مدمرة للصحف اليومية فى الولايات المتحدة.. العائدات تتراجع وتختفى وتظل النفقات قائمة وجميعهم يموتون". وأضاف مونجر: "سوف يموتون جميعًا..إنه أمر محزن"، وقد ذكر بعض الاستثناءات ، قائلاً إنه من المحتمل أن تظل "نيويورك تايمز" و"وول ستريت جورنال" قائمة.



وتعد نيويورك تايمز وول ستريت جورنال أكثر الصحف اعتماد على اشتراك القراء على الموقع الإلكترونى، وأعلنت نيويورك تايمز مؤخرا عن اشتراك أكثر من مليون قارئ.



وكانت شركة بيكشاير هاثاواي وبافيت القابضة، قد أعلنت فى يناير الماضي أنها ستبيع BH Media Group ، BGMG ومجموعة من 30 صحيفة يومية إلى Lee Enterprises ، وهي شركة إعلامية متداولة علنًا ، مقابل 140 مليون دولار نقدًا.





وكانت شركة بيركاشير هاثواي وبافيت القابضة قد وافقتا على بيع مجموعتين إعلاميتين و30 صحيفة يومية إلى شركة "لي انتربرايس". وأعرب رجل الأعمال واران بافيت، بيكشاير هاثاواي الذى أمضى سنوات فى شراء الصحف المحلية، عن أسفه لتراجع الصناعة لأنها عانت من انخفاض عدد القراء ، والمنافسة الإعلانية من التخفيضات على شبكة الإنترنت وغرف الأخبار. قال العام الماضي إن معظم الصحف باتت مثل "خبز قديم".



وبات الاندماج بين المؤسسة الإعلامية التى تعانى من الخسائر الفادحة وسيلة لمواجهة الإعصار التكنولوجى. ففى نوفمبر الماضى، أقدمت شركة "جيت هاوس ميديا" على شراء شركة "جانت" للنشر مقابل 1.4 مليار دولار، فى خطوة اعتبرتها صحيفة "واشنطن بوست" محاولة لمواجهة التراجع اللافت فى توزيع الإصدارات المطبوعة، والتقلص الذى لا يمكن إنكاره من عائدات الإعلانات والاشتراكات، مؤكدة أن الأمر يحتاج جهداً إضافياً من خلال خفض التكاليف فى الإصدارات الفرعية فى الشركتين لتحقيق قدر من الأرباح.



وتنشر جيت هاوس 156 صحيفة يومية محلية داخل الولايات والمقاطعات مثل "أريزونا كابيتول تايمز"، و464 صحيفة مجتمعية تصل إلى أكثر من 22 مليون شخص فى الأسبوع. بينما تظل "جانت" أكبر ناشر فى أمريكا من حيث التوزيع ومن أبرز إصداراتها "يو إس إيه توداى"، وأيضا "أريزونا ريبابلك" و"لوزيانا كورير جورنال" و"ديترويت فرى برس".



وخلال السنوات القليلة الماضية، عانت وسائل الإعلام ودور النشر الكبرى على مستوى العالم من خسائر واضحة وتراجع لافت فى عائد الإعلانات للإصدارات المطبوعة والإلكترونية على حد سواء لأسباب عدة بمقدمتها انتهاك قوانين حماية الملكية الفكرية من قبل محركات البحث ومواقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك" و"تويتر" التى تنشر المحتوى المنتج من الصحف دون مقابل، بل وتشارك فى الوقت نفسه تلك الصحف فى سوق الإعلانات الرقمية.



وقبل عامين، وتحديداً فى يوليو 2017، طالب اتحاد ناشرى الصحف الكبرى فى الولايات المتحدة، الكونجرس بالتدخل ومنحهم الحق فى الاستثناء من قواعد مكافحة الاحتكار، والمساواة بمواقع مثل فيس بوك وجوجل اللتان تستحوذان على أكثر من 70% من سوق الإعلانات الرقمية فى الولايات المتحدة، الذى يبلغ 73 مليار دولار.