القرصنة الرقمية ليست شرا مطلقا
القرصنة الرقمية ليست شرا مطلقا
أخصائيون في علم الكمبيوتر يؤكدون ان القرصنة تساعد شركات الانتاج على ترويج منتجها الأصلي في الوقت الذي تلعب فيه دور الضحية.
تنتشر قرصنة المواد الرقمية في أجزاء مختلفة حول العالم، والتي تعتمد على تسويق الأفلام وبرامج الكمبيوتر والمواد الموسيقية، التي يتم نسخها بشكل غير قانوني، لتُباع بأسعار زهيدة، فتنافس المنتجات الأصلية، محدثة أضراراً بالغة بالشركات صاحبة المنتجات الأصلية.
وفيما تنشط الهيئات في بعض الدول لمحاربة انتشار هذا النوع من المنتجات غير الشرعية؛ يلجأ كثير من الأشخاص لشراء تلك البرامج، دون أن يأبه للاتفاقيات الدولية، التي تؤكد عدم مشروعية هذا الأمر، وذلك إما بسبب عدم قدرتهم على شراء النسخ الأصلية لتلك المواد والبرامج، إلى جانب افتقارهم لوجود وازع قوي يمنعهم من الاستفادة من تلك المواد؛ أو نتيجة جهلهم بفداحة ما يقدمون عليه، والذي يعتبره البعض شكلاً من أشكال السرقة.
وتتنافس الدول في ابتكار الأساليب لمحاربة قرصنة البرامج والمواد الفلمية وبرامج الكمبيوتر، والتي يشار إليها من قبل البعض بأنها من أشهر جرائم العصر؛ لمنع هذه التجارة غير الشرعية من الازدهار.
وقد كان من آخر تلك الابتكارات، ما قامت به ماليزيا، إذ لجأت إلى الكلاب المدربة على اشتمام الأقراص المدمجة للأفلام أو المسماة "دي في دي"، لتكشف عن مخابئها في المحلات التجارية، التي تروِّج لتلك المنتجات المقلدة.
وبالرغم مما يثار من جدل حول الأسباب التي تدفع بالأفراد إلى التواطؤ مع "القراصنة"، للإضرار بالشركات المصنعة للمنتجات الأصلية، وهو ما قد يحدث دون قصد منهم؛ إلاّ أنّ بعض المختصين لا يجدون أنّ هذه القرصنة شرّ محض، بل إنها قد تحمل الخير للشركة صاحبة المنتج الأصلي في بعض الحالات، من وجهة نظرهم.
ومن هؤلاء كارين كروكسون، المختصة في علم الاقتصاد بجامعة أكسفورد، حيث تعتقد أنّ القرصنة في بعض الحالات، تساعد على الترويج للمنتج الأصلي، والذي يحتفظ ببريقه أمام زيف المنتج المقلد.
وتوضح كروكسون أنّ بعض المواد الرقمية لا تتضرر بشكل كبير من تعرضها للقرصنة، بل قد يفيد ذلك الشركة الصناعية صاحبة المنتج، كما هو الحال بالنسبة لبرامج الكمبيوتر. إذ يحرص العديد من الأشخاص على اقتناء المنتج الأصلي لها، متجنبين بذلك عيوب المقلد، لذا فإنّ نسخ هذا النوع من البرامج وتوزيعه في مختلف الدول، وإن كان غير قانوني؛ إلاّ أنه يُعدّ أشبه بحملة ترويج لتلك المنتجات، تسهم في زيادة إقبال الزبائن على شراء المنتج الأصلي.
من جانب آخر؛ أشارت كروكسون إلى أنّ ألعاب الكمبيوتر الرقمية، والتي تحظى بشعبية كبيرة بين اليافعين والمراهقين، تتأثر بشكل كبير جراء القرصنة، إذ أنّ الزبائن الرئيسين لتلك المنتجات، لا يملكون المال الكافي لشراء كل ما يرغبون باقتنائه من أقراص مدمجة للألعاب الرقمية، كما أنهم قد لا يدركون البعد الأخلاقي في هذه المسألة بشكل كافٍ، لذا فإنّ نسخ هذه الألعاب الرقمية، قد يحدث أضراراً بالغة بالشركة المنتجة.
ومن وجهة نظرها؛ فإنّ سلوك الشركات الصناعية حيال منتجاتها المصنّعة، يقدم خير دليل على صحة هذا الرأي، إذ ترى أنّ الشركات المنتجة لألعاب الفيديو والكمبيوتر، تتخذ العديد من الوسائل لحماية منتجها من النسخ، فيما قد تتهاون بعض الجهات المصنعة لبرامج الكمبيوتر في هذا الجانب، فتفيد من ترويج القراصنة لمنتجاتها، وهي تلعب دور الضحية في الوقت نفسه.