ما هو "الفطر الأسود"؟
يقتلع أعين وأنوف مرضى كورونا.. ماذا نعرف عن "العفن الأسود" القاتل؟
لم تكد الهند المنكوبة بوباء كورونا تستفيق من التفشي الشرس وغير المسبوق لـ"كوفيد 19"، الذي رافقه نفاذ حاد في إمدادات الأكسجين والأسِرة بالمستشفيات، حتى مُنيت بأزمة لا تقل خطورة ممثلة في عدوى جديدة قاتلة تُعرف باسم "الفطر الأسود" أو "العفن الأسود.
وقد تفضي هذه العدوى النادرة في وفاة نحو 50 بالمائة من الحالات، فيما قد ينجو بعض المرضى فقط بعد إزالة عظم الفك أو العين، حسبما ذكرت صحيفة "ذا صن" البريطانية.
ما هو "الفطر الأسود"؟
نوع من عدوى نادرة جدا يُطلق عليها اسم "داء الغشاء المخاطي" ناجمة عن التعرض لعفن المخاط المتواجد عادة في التربة والنباتات والسماد الطبيعي والفواكه والخضروات المتحللة.
تصيب العدوى بشكل أساسي الدماغ أو الجيوب الأنفية أو العينين، وقد تطال أي مكان آخر في الجسم.
وقال جراح العيون في مومباي، الدكتور أكشاي ناير، لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) إنه "واسع الانتشار وموجود في التربة والهواء وحتى في أنف ومخاط الأشخاص الذين يملكون صحة جيدة".
بيد أنها لا تمثل تهديدًا خطيرًا للمرضى الذين لديهم جهاز مناعة صحي. لكن يُعتقد أن أولئك الذين يعانون من مرض السكري والسرطان وفيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز) هم الأكثر عُرضة للخطر.
وفي بعض الحالات الشديدة التي تطالها هذه العدوى المميتة يفقد المريض البصر، فيما يضطر آخرون لاستئصال أنفهم وعظام فكيّهم.
ووفق صحيفة "ذا صن" البريطانية، فإن حوالي 60 بالمئة من مرضى كورونا الذين تم علاجهم في مستشفيات الهند أزالوا عينًا واحدة على الأقل، بسبب "العفن الأسود" خلال الموجة الثانية من كورونا.
وقبل أسبوعين، كشف مسؤولون في الهند أن العشرات من مُتعافيّ كورونا في البلاد، بدأت تنتشر لديهم إصابات بهذا المرض النادر. ويشتبه الأطباء بأن يكون لذلك صلة بعقار الستيرويد المستخدم في علاج كوفيد 19.
تشمل الأعراض الشائعة للعدوى: انسداد أو احتقان الأنف، وإفرازات أنفية سوداء أو دموية، وتغير لون الأنف إلى اللون الأسود على جسر الأنف أو الحنك.
في حالة إصابة العينين، يمكن أن يؤدي ذلك إلى عدم وضوح الرؤية أو ضبابيتها مع الشعور بالألم. أما إذا تأثرت الرئتان، فقد تتفاقم الأعراض الموجودة بالفعل مثل ضيق التنفس والسعال وألم الصدر وتجمع الماء في الرئتين. فيما تشمل الأعراض الأخرى الحمى والصداع والسعال والقيء الدموي وتغير الحالة العقلية.
ومع وصول العفن إلى العينين، بدأ الأطباء بالهند باتباع إجراءات سريعة لاقتلاع العين من أنسجتها، حتى يمنعوا تفشي العفن إلى الدماغ، ومن ثمّ الوفاة.
قال مريض هندي، يُدعى أنيل، إنه بعد 10 أيام من ظهور أعراض "العفن الأسود" عليه، أخبره الطبيب أن عينه اليمنى ستحتاج إلى الاقتلاع، وكذلك إزالة جيوبه الأنفية.
وقال الطبيب أكشاي ناير الذي أشرف على الحالة: "إذا لم نزل العين بأكملها، إلى جانب جميع الأنسجة والأعصاب والجفن، قد تغزو العدوى الدماغ"، بحسب "ذا صن" البريطانية.
لماذا يتفشى في الهند؟
ثمة حالات قليلة جدًا مُصابة بـ"الفطر الأسود" بين مرضى كوفيد في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا. ويُشخّص عادة عن طريق فحص الأنف والأذن والحنجرة والتصوير بالرنين المغناطيسي.
فلماذا إذن حدثت طفرة مفاجئة لحالات الفطر العفني في الهند خلال الموجة الوبائية الثانية من كورونا؟
أوضحت صحيفة "إنديان توداي" الهندية أن السبب الرئيسي هو وضع بعض المُصابين بكورونا على جهاز التنفس الاصطناعي لفترات طويلة بسبب تردّي حالاتهم، أو تواجدهم في وحدة العناية المركزة طويلًا، إلى جانب الاستخدام العشوائي للستيرويدات.
لم يتضح بعد عدد حالات "الفطر الأسود" في أنحاء الهند، لكن عدد من الولايات سجلت مؤخرًا آلاف الإصابات بالعدوى المميتة التي أثّرت بمرضى كورونا المتعافين، وبمن هم في طور التعافي.
قال وزير الصحة في ولاية ماهاراشترا الهندية، راجيش توب، إن هناك 1500 إصابة بالعدوى في الولاية، وهي واحدة من أكثر المناطق تضررًا في موجة كوفيد 19 الثانية بالهند. وذكر المسؤولون في ولاية غوجارات أنه تم الإبلاغ عن ما يقرب من 900 حالة "فطر أسود" الشهر الماضي.
وتم تشخيص 40 حالة إصابة بعدوى "العفن الأسود" خلال الأسبوعين الماضيين في ولاية غوجارات الهندية، وتسبب ذلك بفقدان بعض المرضى أبصارهم.
وتوفي ما يصل إلى 52 شخصًا بالهند بسبب داء "الغشاء المخاطي" منذ بدء تفشي كورونا العام الماضي، بحسب البي بي سي).
ووجّهت وزارة الصحة الهندية رسالة إلى 29 ولاية في الهند، لإعلان حالة الوباء، مع تفشي الإصابات بالعدوى المميتة، وذلك كي تتمكن من مراقبة ما يحدث في كل ولاية عن كثب، وللسماح بتكامل أكثر للعلاج.
وأدّى ارتفاع الإصابات بـ"العفن الأسود" في الهند إلى نقص في عقار "أمفوتيريسين بي" المُستخدم في علاج الفطريات، رغم إنتاجه من قبل العديد من الشركات الهندية. ولجأت عائلات إلى السوق السوداء لشرائه.