موجات إصابات كورونا في آسيا يجب أن تقلقنا جميعا
محللة أمريكية: موجات إصابات كورونا في آسيا يجب أن تقلقنا جميعا
لقد أدى الرضا والشعبوية وضعف البنية التحتية إلى ظهور موجة جديدة مهلكة من إصابات مرض "كوفيد -19" في الهند، في كارثة أصابت ملايين الاشخاص وتسببت في حدوث حالة من الفوضى خارج حدودها أيضا، بسبب وجود سلالة جديدة أكثر نشرا للعدوى.
ولكن الهند لا تنفرد وحدها بتلك الإخفاقات، بحسب ما تقوله المحللة الامريكية، كلارا فيريرا ماركيز، في تقرير نشرته وكالة "بلومبرج" للانباء.
وتتساءل ماركيز قائلة: "لماذا لا نولي مزيدا من الاهتمام للطفرات المفاجئة التي طرأت على أعداد حالات الاصابة التي تم تسجيلها في أماكن أخرى مجاورة للهند، وهي أماكن ليست مجهزة بصورة أفضل لاحتواء ارتفاع اعداد الاصابات أو تتبع السلالات الجديدة من الفيروس؟".
وترى ماركيز أنه يجب أن تُدق أجراس الإنذار في جميع أنحاء جنوب شرق آسيا. ويعد الوضع سيء بما فيه الكفاية في تايلاند وماليزيا، وحتى بدرجة أكثر تواضعا في فيتنام، حيث سجلت جميع تلك الدول أعداد قياسية لحالات الاصابات اليومية، أسوأ بكثير مما كان الوضع عليه خلال الموجات السابقة.
وتتجه إندونيسيا نحو تسجيل 6000 حالة إصابة جديدة يوميا، كما أعلنت الفلبين يوم السبت الماضي تسجيل أكثر من 6800 إصابة.
وتقول ماركيز إنه من السابق لأوانه معرفة ما إذا كان ذلك مجرد وميض ضمن اتجاه حديث نحو الهبوط، أم أنه شيء أكثر خطورة. ولكن يجب أن يكون مصدر القلق الأكبر حاليا هو الدول الأكثر فقرا في المنطقة التي نجت - حتى الآن - من أن تشهد السيناريو الأسوأ .
وقد شهدت كمبوديا في الشهر الماضي ارتفاعا حادا للغاية في تسجيل الاصابات، لدرجة أن زعيم البلاد، هون سين، قال إن بلاده "على شفا الموت".
وذكرت وكالة "بلومبرج" أن حدة الإصابات الجديدة هناك قد تراجعت، ولكن العدد الإجمالي الحالي للحالات يزيد على 24 ألف حالة، وذلك بالمقارنة مع تسجيل عُشر هذه النسبة في مطلع نيسان/أبريل الماضي.
وكان مجموع الاصابات لدى لاوس أقل من 50 حالة في مطلع شهر أبريل الماضي، إلا أن الأرقام الرسمية وصلت حاليا إلى أكثر من 1700. أما في ميانمار، فمن الصعب مجرد معرفة حجم انتشار المرض هناك، وذلك لأن إجراء اختبارات الاصابة بكورونا يكاد أن يكون قد توقف بعد وقوع الانقلاب العسكري هناك في شباط/فبراير الماضي.
ويأتي كل ذلك في وقت تضعف فيه الاقتصادات ويتأثر فيه دخل الأسر بسبب تبعات القيود المفروضة منذ أكثر من عام لمكافحة تفشي فيروس كورونا. كما أن هناك عدد قليل من الحكومات الحريصة على تكرار إجراءات الإغلاق التي تم فرضها في عام 2020.
وتُعتبر حملات إعطاء اللقاحات بطيئة والحدود بين الدول قابلة للاختراق، بالاضافة إلى ظهور حالات بالفعل في الصين.
وفي الوقت نفسه، هناك أماكن أكثر ثراء، مثل سنغافورة وتايوان، كان يُنظر إليها بوصفها ملاذات آمنة، بسبب نجاحها في السيطرة على تفشي الفيروس، وهي تصارع حاليا في ظل تفشي المرض وفرض قيود أكثر صرامة، بحسب ماركيز.
أما اليابان فهي تمثل حالة من الفوضى الكاملة، في ظل ظهور موجة جديدة من الإصابات، وهي واحدة من الدول ذات أقل معدلات التطعيم بين الدول الغنية، ومن المقرر أن تستضيف قريبا دورة الألعاب الأولمبية التي يعارض تنظيمها أكثر من 80 بالمئة من السكان.
وتقول ماركيز إن آسيا لا تعد وحدها، حيث تكافح حاليا السلطات في أمريكا الجنوبية أيضا بسبب ظهور موجات جديدة من الاصابات وسلالة جديدة مقلقة من الفيروس، ظهرت لأول مرة في البرازيل التي ترك رئيسها - الذي كان دائما ما يستهين بخطورة المرض - المستشفيات تكافح من أجل إنقاذ المصابين. ولكن هذا يعد مثالا صارخا - وليس الأول خلال تفشي هذا الوباء - بشأن كيفية استمرارنا في تكرار نفس الأخطاء.
وترى ماركيز أنه يجب أخذ درسين واضحين على محمل الجد. الأول هو، ببساطة لا توجد طريقة للسيطرة على فيروس كورونا بدون تلقي اللقاحات. وهذا هو السبب في أن أجزاء من أوروبا والولايات المتحدة تشهد حاليا تسجيل أعداد أقل من الاصابات وتبحث الاعلان عن بدء عطلات صيفية.
وعلى النقيض من ذلك، ترغب تايلاند في إعادة فتح جزيرة بوكيت السياحية أمام الزائرين، ولكنها قامت بتطعيم ما يزيد قليلا على 1 بالمئة من سكانها، وتشهد تفشي لحالات الاصابة داخل سجونها بصورة كبيرة لدرجة أنها تفكر في إصدار قرارات عفو عن السجناء.
كما أن هناك درسا ثانيا مهما ناتجا عن تجربة الهند، وفي الواقع، البرازيل أيضا. حيث تعد تلك هي التكلفة التي يتحملها العالم الأوسع بسبب السماح بتطور الفيروس بدون رقابة في تلك النقاط الساخنة، مع عدم إجراء قدر كاف من الاختبارات وتتبع للحالات المصابة، وقدرات تسلسل الجينوم، مما يسمح للسلطات الصحية بمواكبة تطور الفيروس والتصرف وفقا لذلك.