الإفراط في تناول المسكنات ينهي حياة الإنسان
يلجأ أغلب الناس إلى استخدام المسكنات كعلاج للتخفيف من الآلام، ورغم التحذيرات المتكررة من خطورة الإفراط في تناول هذه العقاقير، إلا أن الظاهرة أصبحت إدماناً يجتاح العالم.
وقد أظهرت دراسة طبية أمريكية تضاعف معدلات الوفيات الناجمة عن الإفراط في تناول المسكنات لتضاعف بمعدل ثلاثة أضعاف وفيات الناجمة عن الجرعات الزائدة لتشكل 36 ألف حالة وفاة عام 2008.
وحذرت الدراسة من أن هذه الظاهرة تشهد ذورتها في الولايات المتحدة، حيث تتزايد معدلات تناول العقاقيرالمهدئة والمضادة للاكتئاب التي غالباً ما يسىء الكثيرين إستخدامها.
وتشيرالبيانات إلى أن عام 1999 قد شهد 4 آلاف حالة وفاة نتيجة الإفراط في تناول المسكنات ليتضاعف هذا المعدل ليسجل 15 ألف حالة عام 2008، طبقاً لما ورد بوكالة "أنباء الشرق الأوسط".
يأتي ذلك في الوقت الذي أعترف فيه نحو 12 مليون أمريكي بإقدامهم على تناول الأفيون والمسكنات للتخلص من آلامهم خلال عام 2010، بينما شهدت عام 2009 دخول 500 ألف حالة قسم الطوارىء بالمستشفيات نتيجة للتعرض للتسمم بسبب الإفراط في جرعات المتناولة من المسكنات.
وحذرت دراسة جديدة من أن الأصحاء الذين يتناولون الأدوية المسكنة للأوجاع الخفيفة ولمكافحة الالتهابات "غير الستيرودية" يزيدون خطر إصابتهم بمشاكل في القلب قد تؤدي إلى الوفاة.
وذكر موقع "هلث داي نيوز" أن جمعية القلب الأمريكية وإدارة الأغذية والأدوية أصدرت مؤخراً تحذيراً للمصابين بأمراض القلب بشكل خاص بضرورة توخي الحذر عند استخدام هذه العقافير والتي تضم لائحة من أدوية من بينها "أيبوبروفين" وماركتها التجارية "أدفيل" و"مورتن" ودواء "ديكلوفيناك".
وتعد هذه أول دراسة تظهر ازدياد خطر تعرض الناس العاديين، الذين يتمتعون بصحة جيدة، لمشاكل لها علاقة بأمراض القلب، مماثلة لتلك التي يواجهها مرضى القلب عند تناولهم لهذه الأدوية. وقد نشرت هذه الدراسة في العدد الأخير من دورية "سيركيوليشن".
وأشار الدكتور إميل أل. فوسبول وهو طبيب قلب في مستشفى جامعة جنتوفتي في هيليرو، إلى أن " قلة هى الدراسات التي وضعت من أجل الإجابة على السؤال التالي المهم وهو: هل يزيد تناول الحبوب المسكنة خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية بين الناس الذين يتمتعون بصحة جيدة والتي يستعملونها لأوجاع خفيفة"؟.
وأجاب على ذلك بالقول إن "هذه الدراسة هى الأولى التي تؤكد خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية يزداد عندما يتناول الأشخاص الأصحاء بعض هذه الأدوية".
وبينت دراسات أن الذين يتناولون جرعات عالية من أدوية "ديكلوفيناك" يتضاعف لديهم خطر الاصابة بالنوبة القلبية، وأن تناول دواء آخر هو "روفيكوكسيب " فيوكس" يزيد خطر الإصابة بالنوبة القلبية بثلاث مرات.
وتم سحب دواء "روفيكوكسيب" من الأسواق الأمريكية في العام 2004 بعدما تبين مسؤوليته عن كثرة الإصابة بالنوبات القلبية والجلطات الدماغية.
ومن جانبه، أكد البروفيسور اندرو ولتون أستاذ أمراض القلب بجامعة جونز هوبكنز الأمريكية، أن قتلى الاستهلاك العشوائي للأدوية المسكنة يعادل قتلى مرض "الإيدز".
كما نصحت دراسة طبية حديثة بعدم استخدام المسكنات لأكثر من15 يوماً متواصلة, لأن ذلك قد يتسبب في صداع لفترات طويلة.
وبحسب الدراسة المنشورة بصحيفة "الجارديان" البريطانية، فإن استخدام عقاقير علاج الصداع لفترات طويلة له انعكاسات سلبية، حيث تجعل مستخدمها مدمناً عليها وهذا يتسبب في بروز أعراض الانسحاب إذا حاول الشخص التوقف عن تناول هذه المسكنات وهذه الأعراض نفسها قد تلعب دوراً في التسبب بحالات الصداع.
ويؤدي الاستخدام المفرط للمسكنات سنوات طويلة إلى حدوث تغيرات في الطرق الكهربائية بالدماغ المسئولة عن نقل إشارات الألم، ما يجعل الشخص أكثر استعداداً لحالات الصداع. وتشمل المسكنات: "الأسبرين" و"الباراسيتامول" وعقاقير مضادة للالتهابات والمسكنات القوية وأدوية الصداع.
وحذر الدكتور عمر توفيق رئيس وحدة الألم بمعهد الأورام ورئيس الجمعية المصرية للألم, من أن التناول العشوائي للمسكنات يزيد الألم بدلاً من أن يزيله ويسبب أمراضاً خطيرة أهمها الفشل الكبدي والكلوي.
وأشار الأطباء إلى أن المريض يتصور أن الأقراص المسكنة تقضي علي كل الآلام تاركاً خلفه شبح الفشل الكبدي والكلوي يهدده, كما أن الاعتماد علي الصيدلي في وصف الأدوية سلوك خاطئ وعواقبه وخيمة.
ومن جانبه، أوضح الدكتور أنور زيدان الأستاذ بطب الاسكندرية أن المسكنات ومضادات الالتهاب تؤثر تأثيراً كبيراً في إصابات العضلات والعظام مثلاً, ولكن يكون تأثيرها دون المستوي المطلوب في حالات آلام الأعصاب.
وقد أوضحت دراسة أخرى أن العقاقير المسكّنة للألم والشائعة الاستعمال مثل "الأسبرين" و"إيبوبروفين" و"أسيتامينوفين" قد ترفع ضغط الدم؛ ومن ثم تؤدى لزيادة احتمالات الإصابة بأمراض القلب بين الرجال.
وأشارت الدراسة إلى أن تناول المسكنات بشكل يومي يؤدي لرفع ضغط الدم، وفق ما جاءت به نتائج الدراسة التي تناولت فحص 235 شخص من الرجال يتناولون تلك العقاقير خلال معظم أيام الأسبوع، مقارنة بغيرهم ممن لا يتعاطونها، وقد زادت احتمالات إصابة المتعاطين بارتفاع في ضغط الدم بمقدار الثلث عن الرجال الذين لم يتناولوها.
ومن جانبه، أوضح الدكتور جون فورمان من بريجام ومستشفى أمراض النساء فى بوسطن، أن الملايين من الناس يتناولون العقاقير المسكّنة للألم كأقراص يومية لعلاج الصداع والتهاب المفاصل وتشنّج العضلات وأنواع أخرى من الأوجاع والآلام، مؤكداً أن تناول تلك العقاقير شائعة الاستخدام يرفع من ضغط الدم لدى النساء.
المسكنات تدمر الكبد
أثبتت دراسة حديثة نشرت نتائجها في دورية جراحة الأعصاب وعلم النفس بلندن، أن النساء يتناولن المسكنات بصورة مبالغ فيها علي عكس الرجال وأن السيدات في أواسط عمرهن الأكثر استخداماً لمضادات الآلام.
وأشار الدكتور محمد عبد الرحمن أحمد أستاذ الجهاز الهضمي والكبد، إلى أن تناولها بشكل عشوائي يؤدي إلي الإصابة بالتهاب أسفل المريء وجدار المعدة وقد يتطور الأمر إلي الإصابة بقرحة المعدة والأثنا عشر، وكذلك التهابات الكلي والكبد.
وأوضح أحمد أن هناك بعض المسكنات تسبب الإصابة بسيولة في الدم, لذا فإن تناولها بدون استشارة الطبيب يشكل خطراً بالغاً خاصةً للاتي يعانين من ضغط الدم المرتفع، مؤكداً أنه ينبغي تناول المسكنات الخفيفة التي تتميز بقلة مضاعفاتها وتأثيرها علي المعدة والكبد الكلي والأثنا عشر.
ويحذر السيدات اللاتي يعانين مشاكل في الكلي أو الكبد من تناول المسكنات لأنها تؤدي إلي الإصابة بالفشل الكبدي أو الكلوي، كما تسبب الإصابة بالحساسية الجلدية والتي تتطور لدي من يعانين من الحساسية الصدرية إلي الربو الشعبي وقد تؤدي كثرة تناولها إلي انقباض الشعب الهوائية.
وترفع ضغط الدم
كشفت دراسة حديثة أن النساء اللاتي يأخذن مقادير يومية من مسكنات الألم غير "الاسبيرينية" كأقراص "تايلنول" المقواة هن أكثر عرضة لتطوير ضغط دم مرتفع من النساء اللاتي لا يستعملنها.
وأقراص "التايلنول" هى الدواء الوحيد المضاد للالتهاب الذي لا ينتمي إلى فئة العقاقير غير "الستيرويدية" التي فرضت عليها الحكومة الفيدرالية مؤخراً حمل ملصقات تحذيرية بالنظر إلى ما تنطوي عليه من مخاطر الإصابة بمشاكل قلبية.
وبحسب الدراسة فإن الفئة المذكورة تشمل أدوية "ايبوبروفن" التي تباع باسم "ادفيل" و"موترين"، و"نابرولسين" الذي يباع باسم "اليف"، وقد تحولت نساء كثيرات إلى استعمال هذه الأدوية في اعقاب ظهور مشاكل تسببها أدوية موصوفة مثل "فيوكس".
واكتشفت الدراسة أن النساء اللاتي يتعاطين "التايلنول" لديهن ضعف احتمال الإصابة بمشاكل ارتفاع ضغط الدم، وترتفع النسبة أيضاً عند مستعملات أدوية غير الاسبيرينية.
كما أكدت دراسة حديثة أن هناك أنواعاً معينة من المسكنات ربما تزيد من مخاطر التعرض للإجهاض.
وذلك من خلال الدراسة التي أجريت علي النساء اللاتي يتناولن عقاقير مثل "الأسبرين" و"ايبوبروفين" في بداية فترة الحمل، كانوا أكثر عرضه للإجهاض مقارنة بمن يتعاطينه في مرحلة متأخرة.
وأضافت الدراسة إلي أن تناول عقار "باراسيتامول" لا يزيد من مخاطر الاجهاض، ويرجع لأن هذا العقاريعمل فقط في النظام العصبي المركزي، في حين أن عقار "ايبوبروفين" يؤثر على الجسم فيزيد من فرص الإجهاض.
وأشارت الدكتورة ميلاني دافيس من الكلية الملكية لأطباء النساء والتوليد، إلي أنه من الممكن تجنب عقاقير "ايبوبروفين" قبل الحمل خصوصاً وأن عقار "باراسيتامول" يعد بديلاً فعالاً.
وتوصلت الدراسة إلي أن السيدات اللاتي يتناولن جرعة منخفضة من الأسبرين يكن أقل عرضة للإجهاض، كذلك فإن الأسبرين يمكن أن يقلل من فرص الإنجاب المبكر.
وتسبب الضعف الجنسي
أثبتت دراسة حديثة أن تناول المسكنات يزيد من احتمال إصابة الرجال في منتصف العمر وكبار السن بمشكلات ضعف جنسي، وتشمل قائمة هذه العقاقير المستخدمة علي نطاق واسع مثل "ايبوبروفن" أو "نابروكسن".
وقد شملت الدراسة 1126 رجلا تتراوح أعمارهم ما بين50 و70 عاماً كانوا لا يعانون من مشكلات الضعف في عام1994 عندما أكملوا الاستبيان الذي تضمن من بين أشياء أخرى أسئلة حول كفاءة ممارسة العلاقة الزوجية والاستخدامات الدوائية، وأعيد تقييم الاستبيان مرة أخري عقب خمس سنوات.
وقد وجد الباحثون أن معدل مشكلات الكفاءة بلغ93 حالة ضمن ألف شخص بين مستخدمي العقاقير التي لا تحتوي علي سترويد ومضادة للالتهابات، مقارنة بنحو35 حالة بين غير المستخدمين