خاتم يختفى ثم يعود
منذ بضعة أسابيع، عندما كنت أتوضأ أحد الأيام لصلاة الفجر، انتبهت إلى أن خاتم زواجي الذي يوجد في إصبعي منذ عشرات السنين، والذي أحركه عادة قليلاً نحو خارج وداخل الإصبع ليصل الماء إلى ما تحته، لا يوجد في مكانه في إصبعي.
وبما أنني لا أخلعه عادة في أية مناسبة، ولم يسقط من يدي يوماً، وأنني ألاحظ منذ مدة أنه أصبح رخواً في إصبعي يتحرك فيه بسهولة نسبياً، فقد خطر على بالي أنه ربما سقط على السرير أثناء نومي قبل الاستيقاظ، على أن ذلك هو التفسير الوحيد لاختفائه من يدي. وزاد من القناعة بذلك أنني أذكر أنني كنت أحمله في يدي مساء اليوم السابق، أي أنه بدون شك مازال في البيت.
بعد بحث سريع فاشل عنه مكان نومي، حدثت زوجتي عن الأمر. فقامت بعملية بحث دقيقة عنه في السرير والفراش وحولهما دون أن تجد شيئاً.
هنا أصبحت في حيرة من أمري، وبدأت أفكاري تذهب في مختلف الاتجاهات والاحتمالات المنطقية أو غير المنطقية، وكان الأمر الوحيد الذي ارتاحت له نفسي تفسير يقول أنه سقط في مكان ما في البيت، وأنني سوف أجده في الأيام القادمة في مكان ما منه. ومع مضي الأيام دون العثور عليه، أعارتني زوجتي خاتماً بديلاً مؤقتاً حتى أتوقف عن مد يدي اليمنى لتحريك مكان الخاتم المختفي في يدي اليسرى مع كل وضوء حسب العادة المتأصلة عندي.
وقد أعادتنا هذه الحادثة إلى حادثة قديمة مر عليها سنوات، فقدت فيها زوجتي خاتمها وبحثت عنه في كل مكان دون جدوى، حتى اعتبرته ضائعاً واستسلمت لهذا التفسير. لكنها بعد أربع سنوات من ذلك وعند نزولها من “السقيفة” نظرت باتجاه أرض السقيفة حيث توجد “كرتونة” عليها، لترى خاتمها فوق الكرتونة وكأنه وضع عليها قبل قليل. فهي لم تره عندما صعدت إلى السقيفة وبقت فيها فترة من الوقت، ولا في المرات العديدة السابقة للصعود إلى السقيفة. وهذه الكرتونة لم تكن حتماً في هذا المكان قبل أربع سنوات، فقد تعرضت السقيفة لحوادث طوفان مياه أكثر من مرة في هذه الفترة، وكنا نصعد لتفريغ المياه وتجفيف أرض السقيفة والأشياء المبتلة فيها إذا كانت لازالت صالحة للاستخدام. كما صعدت أنا مرات عديدة إلى السقيفة في نفس الفترة، وصعد عدد من عمال تعبئة المازوت وعمال إصلاح التمديدات الصحية دون أن يلفت نظر أحد منا ومنهم وجود خاتم بهذا الشكل الظاهر.
أعود إلى قصة خاتمي. بعد أسابيع من اختفائه (بتاريخ 01-12-2018م)، أثناء حديثي مع ابنتي على الجوال وقت الظهيرة، وأنا جالس خلف طاولة، أحسست بشي يسقط بلطف على قدمي من الخلف على بعد سنتيمترات من أسفل القدم، أو أرض غرفة الجلوس. رفعت طرف الرداء الذي أرتديه وأدرت قدمي ونظرت بعيني إلى المكان لأرى ما الذي يحصل، فوجدت شيئاً عجباً.
كان خاتمي مستقراً على وجه مؤخرة الشحاطة (حذاء القدم المنزلي)، الواسعة قليلاً، التي أنتعلها، على تماس مع أسفل قدمي من الخلف بعد سقوطه وارتطامه بالقدم.
أما من أين جاء الخاتم، فالأمر أكثر عجباً. الرداء الذي أرتديه والذي قد يخطر على البال أن فيه مخبأ، استقر فيه الخاتم منذ ضاع، لم ألبسه إلا أمس، وكان قبل ذلك منذ الشتاء الماضي معلقاً في خزانة الملابس. لا يمكن بالطبع القول أن الخاتم طار إلى الرداء عندما فقدته وتعلق به في الخزانة، ثم لم يقع منه بعد ارتدائه منذ أمس رغم ذهابي به إلى المسجد ومحلات مختلفة مرات عدة خارج البيت، وأخيراً سقط منه وأنا جالس في المنزل لا أتحرك!
كما لا يمكن أن نفترض أنه كان في الملابس الداخلية، التي ارتديتها قبل يوم واحد أو يومين ولم يقع منها أيضاً حتى هذه اللحظة.
كما لا يمكن الافتراض أنه كان معلقاً في الهواء ينتظر موعد سقوطه على قدمي من الخلف بشكل مائل ليتخطى الطاولة التي تغطي القدم.
الخلاصة أنه لا يوجد عندي أي تفسير مقنع لما حدث. اختفى الخاتم في ظروف غامضة وعاد بعد أسابيع في ظروف أشد غموضاً.
تقول زوجتي أن حادثة خاتمها تكررت مع خاتمي. ولا بد أن هناك جِنّاً “مؤمنين” في منزلنا يستعيرون خواتمنا، وربما غيرها، ويعيدونها لنا بعد مدة طويلة أو قصيرة من الزمن. وأجبتها وأنا في حيرتي مما حصل: إن كان هناك شيء من ذلك فهم ملائكة يذكروننا بقدرة الله جل وعلا.
وأخيراً لا يسعني إلا أن أشكر الله الذي يحيطنا دائماً برعايته وفضله، وأسأل إن كان هناك من يستطيع تفسير ما حدث!